الطوسي بعينية الإرادة للداعى ليس منشأه هو كون الداعي عين ذاته حتّى يكون أصل غرضه اثبات عينية الإرادة للذات / ١٩٥ MA / إنّه ـ رحمهالله ـ قد حكم بعدم زيادة الإرادة على الداعي في الممكنات أيضا ، حيث قال في مبحث الاعراض من التجريد : « ومنها ـ أي : ومن الكيفيات النفسانية ـ الإرادة والكراهة ، وهما نوعان من العلم » (١).
وغير خفيّ بأنّ التأويل المذكور لا يجري في إرادة الممكنات ، لأنّ عينية الصفات للذات عند المحقّق لا يكون إلاّ في الواجب دون الممكنات. وقد ظهر ممّا ذكر أنّ الاستدلال المذكور على كون إرادته ـ سبحانه ـ عين علمه بالأصلح غير تامّ. وبذلك يظهر عدم تمامية ما ذهبوا إليه من كون الإرادة في الواجب ـ تعالى ـ نفس العلم بالاصلح مع أنّ الظاهر مغايرة الإرادة للعلم بالأصلح ، لأنّ الإرادة مقابل الكراهة ويعبّر عنها بالفارسية ب : « خواستن » ، ومعلوم بالضرورة أنّ هذا المعنى غير العلم بالأصلح بمعنى الظهور والانكشاف وإن كان مبدأهما ومنشأهما ذاتا واحدة هو الواجب ـ سبحانه ـ ؛ هذا.
وقيل : يمكن أن يوجّه كلام المحقّق الطوسي ـ أعني : الاستدلال المذكور ـ بحيث يكون تماما بأن يقال : إنّ مراده أنّ الإرادة الّتي قلنا أنّها مخصّصة للايجاد لو كان غير الداعي الّذي هو العلم بالنفع لكان غير الذات باعتبار أنّه علم بالنفع ، ولو كان غير الذات باعتبار أنّه علم بالنفع لكان غير الذات مطلقا ، لأنّ الذات من غير اعتبار كونه علما بالنفع لوجود حادث في وقت معيّن بدون ملاحظة أنّ بعض الأوقات اصلح للصدور نسبته ـ سبحانه ـ إلى جميع الأوقات والممكنات على السواء ـ كما ذكر في أدلّة عموم قدرته تعالى ـ ، والإرادة لا يكون نسبتها إلى الجميع على السواء ، فلا يكون عين الذات بدون الاعتبار المذكور ـ أي : اعتبار كونه علما بالنفع ـ ، بل يكون مغايرا له ؛ فاذا لم يكن عين الذات مع الاعتبار المذكور أيضا ـ أعني : اعتبار كونه علما بالنفع الّذي يسمّى بالداعي ـ كان مغايرا للذات مطلقا. وحينئذ نقول : إن كانت هذه الإرادة المغايرة للذات قديمة يلزم تعدّد القدماء ؛ وإن كانت حادثة يلزم التسلسل. والحاصل : إنّ المحقّق و
__________________
(١) راجع : المسألة الخامسة والعشرون من الفصل الخامس من المقصد الثاني ؛ كشف المراد ، ص ١٩٤.