ما هو المبدأ والمنشأ للارادة الاضافية ـ فلا ريب في كونها عين الذات ـ كباقى الصفات أيضا بمعانيها الحقيقية ـ. فما ذكره من أنّ الإرادة لو كانت زائدة على الذات مطلقا لزم قدمها أو التسلسل ؛
ففيه : إنّ الإرادة الحقيقية ـ أي : ما هو المبدأ والمنشأ ـ فهو عين العلم بالأصلح بمعناه الحقيقى وعين الذات مطلقا أيضا ، إلاّ أنّ جميع الصفات بمعانيها الحقيقية بعضها عين بعض وجميعها عين الذات أيضا. والإرادة بالمعنى الاضافية لا يوجب قدمها فسادا ، لأنّ قدم الأمر الاعتباري الاضافي لا يوجب قدم أمر خارجي كقدم سائر الصفات الاضافية في الذات باعتبار كونه منشئا لانكشاف علم حقيقي ، وباعتبار كونه منشئا للصدور واللاصدور قدرة حقيقية وباعتبار كونه مرجّحا لوجود العالم على عدمه إرادة حقيقية. ومن قال الإرادة نفس العلم بالأصلح يقول الذات باعتبار الذات بدون اعتبار كونه علما بالنفع وبالنظام الأعلى هو القدرة ، وباعتبار أنّه علم بالنظام الأعلى هو الإرادة / ١٩٨ DB / المرجّحة. وبذلك يندفع ما يقال : إنّه إذا كانت الإرادة المرجّحة لأحد طرفي المقدور عين الذات لم تكن القدرة عين الذات ، إذ المعتبر فيها تعلّقها بالطرفين على السواء.
وقد ظهر ممّا ذكرناه أنّ القول بأنّ الإرادة نفس العلم بالأصلح ـ كما هو مذهب المحقّق الطوسي ورؤساء المعتزلة ـ أو نفس العلم بالنظام الكلّي الجملي ـ كما نسب إلى الحكماء ـ ضعيف ، لأنّ الإرادة انّما هو بعد العلم. واثبات صفة اضافية هي الإرادة سوى العلم للواجب لا يوجب نقصا فيه ، وإلاّ لتأتّى ذلك في غيرها من الصفات أيضا. فمطلق العلم هو الانكشاف ، والعلم بالأصلح هو انكشاف هذا الأصلح ، والقدرة هو التمكّن من الفعل أو الترك بالنظر إلى الذات ، والمشية هو القصد أو الميل إلى الفعل أو الترك بحسب المصلحة أو المفسدة بحيث يحتملهما جميعا ، والاختيار هو ايثار أحد الطرفين وترجيحه والميل إليه بسبب المصلحة ، والإرادة تعلّق القصد بأحد الطرفين الّذين اختاره ومال إليه. فالمشية بعد تعيّن أحد الطرفين يصير اختيارا والاختيار بعد العزم والجزم يصير إرادة ، فالمختار من ينظر في أحد الطرفين ويميل إليه ، والمريد هو