بالفارسية ب : « خواستن » من الرضا أو الابتهاج أو الحبّ أو العشق أو امثال ذلك ، فانّه قال في رسالته لاثبات المبدأ الأوّل في بيان إرادته ـ تعالى ـ : « هذه الموجودات كلّها صادرة من ذاته ـ تعالى ـ ومن مقتضى ذاته ، فهي غير منافية له. ولانّه يعشق ذاته ، فهذه الاشياء كلّها مرادة لأجل ذاته ، فكونها مرادة له ليس لأجل غرض ، بل لأجل ذاته ـ لانّها مقتضى ذاته ـ. فليس يريد هذه الموجودات لانّها هي ، بل لأجل ذاته ولانّها مقتضى ذاته. مثلا لو كنت تعشق شيئا لكان جميع ما يصدر عنه معشوقا لك لأجل ذلك الشيء ، ونحن انّما نريد لأجل الشهوة واللذة لا لأجل ذات الشيء المراد ». ثمّ قال : « فنقول : هذه المعلومات صدرت عن مقتضى ذات واجب الوجود بذاته المعشوقة له مع علم منه بأنّه فاعلها وعاقلها ، وكلّ ما صدر عن شيء على هذه الصفة فهو غير مناف لذلك الفاعل وكلّ فعل يصدر عن فاعل وهو غير مناف له فهو مراده ، فاذن الاشياء كلّها مرادة للواجب ـ تعالى ـ وهو المراد الخالي عن الغرض ، لأنّ الغرض في رضاه بصدور تلك الأشياء عنه أنّه مقتضى ذاته المعشوقة ، فيكون رضاه بتلك الأشياء لأجل ذاته ، فيكون الغاية في فعله ذاته. ومثال هذا إذا أحببت شيئا لأجل انسان كان المحبوب بالحقيقة ذلك الانسان ، فكذلك المعشوق المطلق هو ذاته. ومثال الإرادة فينا : انّا نريد شيئا فنشتاقه ـ لانّا محتاجون إليه ـ ، وواجب الوجود يريده على الوجه الّذي ذكرناه ، ولكنه لا يشتاق إليه ـ لانّه غني عنه ـ. فالغرض لا يكون إلاّ مع الشوق ، فانّه يقال : لم طلبت هذا؟ ؛ فيقال : لأنّه اشتاقه ؛ وحيث لا يكون الشوق لا يكون / ١٩٩ DA / الغرض » ؛ انتهى.
وغير خفيّ بأنّ في هذا الكلام مواضع تدلّ على أنّ إرادته ـ سبحانه ـ ليست عين علمه بنظام الكلّ ، بل ارادته لشيء هو رضاه ـ تعالى ـ أو ابتهاجه به أوجبه له ـ أو غير ذلك ممّا يناسب امثال تلك الألفاظ ـ.
وقد ظهر ممّا قرّرناه أنّ الداعي للايجاد هو العلم بالأصلح وهو منشئا ومصحّح للارادة ، وهي غير الداعي بالاعتبار.
ثمّ إن قيل : لمّا كانت الإرادة ـ سواء كانت نفس الداعي أو غيرها ـ على ما اخترت عين الذات بمعنى أنّ الذات بذاته كانت منشئا لها كان المرجّح مجرّد الذات فلا يمكن صدور