الطرف الآخر عنه ـ لأنّ مقتضى الذات ممتنع الانفكاك عنه ـ فلا يكون الذات قادرا حينئذ ـ إذ يعتبر في القدرة أن يكون تعلقها بالطرفين على السواء ـ ؛
قلنا : القدرة عند الحكماء هو التمكّن من فعل العالم مع العلم وإن وجب بالنظر إلى الذات ولم يمكن الترك ، والإرادة عندهم هو عين العلم بالنظام الكلّي ـ كما نسب إليهم في المشهور ـ أو غيره بالاعتبار كالرضا والابتهاج ومثلهما ـ على ما ظهر من كلام الشيخ ـ ، والقدرة عند المتكلّمين هو امكان الفعل والترك بالامكان الذاتي أو الوقوعى. وقد عرفت فيما سبق أنّ الاكثر نسب القول بالقدرة بمعنى امكان الفعل والترك بالنظر إلى الذات إلى الحكماء أيضا ، ولكنّه قد عرفت ما فيه. والإرادة عندهم ـ أي : عند المتكلّمين ـ إمّا العلم بالأصلح ـ كما اختاره العلاّمة الطوسي وبعض رؤساء المعتزلة ـ أو غيره ممّا يعبر عنه / ١٩٦ MB / بالفارسية ب : « خواستن » كالرضا والابتهاج ومثلهما ، فعلى الأوّل ـ أعني : على القول بكون القدرة هو التمكّن من ايجاد العالم وإن وجب بالنظر إلى الذات وكون الإرادة عين العلم بالنظام الأصلح ، كما ذهب إليه الحكماء ـ فلا يرد الشبهة المذكورة أصلا ، لأنّ القدرة بهذا المعنى لا ينافي الإرادة بهذا المعنى مطلقا ، فانّ حاصل هذا القول : إنّ ذات الواجب بذاته اقتضى تمثّل نظام الخير في ذاته وانكشافه لذاته ، واقتضى هذا التمثل والانكشاف صدوره عنه ـ سبحانه ـ ؛ فهذا الصدور مع العلم هو القدرة ، وهذا العلم هو الإرادة.
وعلى هذا لا يرد أيضا لزوم تأتّي الغرض في فعله ، ولا لزوم التفات العالي إلى السافل. وعلى الثاني ـ أعني : كون القدرة هو التمكّن من ايجاد العالم مع العلم وكون الإرادة ما يلزم من العلم بنظام الخير من الرضا أو الابتهاج وما شابههما ـ فالشبهة المذكورة أيضا غير واردة أصلا ، لأنّ الرضا والابتهاج بالفعل لا ينافي القدرة بمعنى التمكّن من الفعل مع وجوبه ، فانّ القدرة بهذا المعنى لا ينافي الوجوب ، فلا ينافي الإرادة الموجبة أيضا.
نعم! ، يرد حينئذ كون فعله ـ تعالى ـ معلّلا بالغرض ، لأنّ الرضا والابتهاج بفعل يكون مشتملا على الغرض البتة إمّا عائدا إلى ذات الفاعل أو إلى غيره ، وعلى