العالم فيه؟!.
وحينئذ فلا منافاة.
فان قلت : إذا كان المرجّح في طرف المعلولات بمعنى أنّ اصلحية وجودها على ما وجدت عليه منشئا لترجيح طرف الوجود من دون وجود مرجّح من طرف الفاعل ـ كما ذهب إليه المحقّق ورؤساء المعتزلة ـ يلزم كون أفعاله معلّلة بالاغراض ، لأنّ ايجاد الأشياء على النحو الواقع إن كان لأجل كونه أصلح من دون اقتضاء حتميّ من الذات له يلزم أن يكون الغاية في فعله هو كون الفعل حسنا لا لانّه محسن والمحسن يصدر عنه الحسن البتة ، ومعلوم إنّ هذه الغاية غاية زائدة على ذات الفاعل ـ إذ من يفعل فعلا لأجل كونه حسنا يفعل هذا الفعل ليكون محسنا أو ليحسن إلى غيره ـ ، وعلى التقديرين يلزم الاستكمال ؛
قلت : القائلون بهذا القول ـ أعني : المحقّق وأمثاله ـ لا يتحاشون عن اثبات غرض في فعله إذا لم يكن عائدا إلى ذاته ، فانّهم يقولون : إنّ اتقان هذه الموجودات وإحكامها واشتمالها على غرائب الحكم والمصالح وتضمّنها لعجائب البدائع والمنافع لا ينفكّ عن الاغراض والغايات الراجعة إلى الممكنات ، إلاّ أنّ الغايات إذا كانت عائدة إلى الغير لا يستلزم منه الاستكمال ، فانّ الفاعل يمكن أن يكون تامّا فوق التمام بحيث لا يتصوّر اكمل منه ومع ذلك يفعل فعلا يكون غايته ايصال النفع إلى الغير. ولا يوجب ذلك استكمالا فيه وإن كان هذا الايصال لأجل قصد شوقي ، لأنّ الاستكمال انّما يلزم لو كان لهذه الغاية ـ أعني : ايصال النفع إلى الغير ـ غاية اخرى راجعة إلى ذاته ـ كمحمدة أو التخلّص من مذمّة أو صيرورته أحسن أو اكمل ممّا كان ـ ؛ أمّا إذا لم يكن لهذه الغاية غاية اخرى بل غاية فعله كان مجرّد ايصال النفع إلى الغير ـ حتّى إذا قيل له : لم اخترت ايصال النفع إلى الغير وأيّ فائدة فيه بالنسبة إلى ذلك؟ ؛ فقال : لانّه ايصال النفع إلى الغير ولا يتفاوت به ذاتي وصفاتي ولا يحصل منه فائدة لي ؛
وان قيل له : لم كنت شائقا به؟
فقال : لكونه نفعا للغير وكونه مجرّد الصلاح والخير ـ لم يلزم منه الاستكمال أصلا. و