لا استبعاد في أن يكون غاية فعل فاعل مجرّد ايصال النفع إلى الغير بحيث لا يكون له فيه غرض لذاته أصلا.
هذا غاية ما يمكن أن يقال من قبلهم.
وبما ذكر ظهر أنّه لا فرق بين مذهب الحكماء ومذهب المحقّق وأمثاله في حقيقة الإرادة ، إذ كلّ منهما قائل بانّ الإرادة هو العلم بالأصلح ـ أو ما يلزمه من الرضا والبهجة وامثالهما ممّا يعبّر عنه بالفارسية ب : « خواستن » ـ ، وانّما الفرق في أنّ / ٢٠١ DA / الحكيم يقول : إنّ هذا الأصلح هو مقتضى ذاته ولوازم فيضه وواجب الصدور عنه لا يمكن أن ينفكّ عنه ، وهذا الاقتضاء الذاتي هو المرجّح للصدور ؛ والمحقّق والمعتزلة يقولون : إنّه ليس واجب الصدور عنه بالنظر إلى ذاته ، بل وجوب الصدور انّما هو للأصلحية بحال الغير ، وهو المرجّح للصدور.
تتميم
اعلم! أنّ الظاهر من اخبار ائمّتنا الراشدين ـ عليهمالسلام ـ كون إرادة الله ـ سبحانه ـ حادثة ؛ كما روى عاصم بن حميد عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : قلت له : لم يزل الله مريدا؟ ، فقال : إنّ المريد لا يكون إلاّ لمراد معه ، بل لم يزل الله عالما قادرا ثمّ أراد (١). ومثله اخبار آخر.
وربما استدلّ على حدوثها بقوله ـ سبحانه ـ : ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ). وجه الاستدلال : إنّ قوله ـ سبحانه ـ : « إذا أراد شيئا ـ ... إلى آخره ـ » قضية شرطية لزومية وإلاّ جاز أن يتحقّق الإرادة بدون لفظ « كن » وبالعكس ، والثاني باطل بالبديهة ؛ والأوّل أيضا باطل للحصر المستفاد من كلمة « انّما » ، فثبت كونه قضية شرطية لزومية وإذا كانت شرطية لزومية يلزم عدم انفكاك قول « كن » عن إرادته ـ سبحانه ـ ، ولا ريب أنّ قول « كن » حادث ، فيكون الإرادة أيضا حادثة.
ولدلالة الاخبار والآية على حدوث / ١٩٨ MB / الإرادة ذهب بعض مشايخنا
__________________
(١) راجع : التوحيد ، ص ١٤٦.