الوجود العيني وبصير بمعنى أنّه عالم بالمبصرات ، وكذلك عالم بذاته بجميع المذوقات والمشئومات ومدركات اللامسة. قال سيد المحقّقين : لا شكّ أنّ السماع والابصار نحوان مخصوصان / ٢٠٢ DA / من العلم بالمعنى الاعمّ وإنّ تخصيصهما انّما هو بانكشاف معلوميهما بوجهين مخصوصين بهما ، وإنّ السمع والبصر ما يتّصف به الشيء بالسماع والابصار. ولمّا ثبت أنّ الباري ـ تعالى ـ عالم بجميع الأشياء الموجودة بذاته فلا محالة يكون عالما بالمسموعات والمبصرات بالوجه الّذي يدرك الحواسّ بذاته ، فيكون له هذان النحوان من العلم ـ اللذان هما السماع والابصار ـ بمنزلة السمع والبصر ؛ فعلى هذا يصدق عليه السميع والبصير بالحقيقة بلا تكلّف. ولا يلزم تعدّد القدماء ، لأنّ السمع وكذا البصر كالعلم نفس الذات باعتبار. قال بعض المشاهير بعد نقل هذا الكلام من السيد : هذا كلام حقّ وهو بعينه ما اختار المحقّق الطوسي في شرح الرسالة في ادراك جميع المحسوسات. ولا غبار عليه على ما قرّره المحقّق من أنّ الجزئيات على الوجه الجزئي الّذي هو مانع من فرض الشركة موجود في الخارج ، وامّا على الوجه الّذي قرّره السيد المذكور في موضع آخر غير ما نقلناه منه هنا من أنّ منع الشركة انّما نشأ من نحو الادراك الحسّي فيكون هذا الكلام منه متغيرا ، إذ يلزم حينئذ أن لا يكون الشيء الجزئي من حيث أنّه مانع للشركة مدركا له ـ تعالى ـ لعدم امكان ادراك الحسّي له ـ تعالى ـ. والحاصل : إنّه على تقدير كون مناط منع الشركة هو الادراك الحسّي الممتنع بالنسبة إليه ـ تعالى ـ ، كما قال به السيد ـ كيف يمكن تصحيح هذين النحوين من العلم ـ أعني : انكشاف المسموع من حيث أنّه مسموع وكذا انكشاف المبصر من حيث أنّه مبصر له تعالى ـ؟! ، وأمّا على تقدير كون مناط منع الاشتراك هو نفس وجود المدرك الحسّي ـ كما قال به المحقّق ـ فلاعتبار علمه. وتوضيح ذلك : انّ مذهب المحقّق إنّ الجزئية صفة للموجود الخارجي ، / ١٩٩ MB / والكلّية والجزئية انّما هو بالتفاوت في المدرك ـ لأنّ الكلّية والجزئية بنحو الادراك لا التفاوت في المدرك ـ ، ولا يتصف بهما المعلوم ، بل الموصوف بهما انّما هو العلم ـ كما قال به السيّد والمحقّق الدواني وأشرنا إلى فساده ـ ، فالمحقق الطوسي لمّا كان قائلا بأنّ الموجود الخارجي متصف بالجزئية والجزئية وصف له وما لم يكن الشيء مشخّصا جزئيا