علمه ـ سبحانه ـ بالمحسوسات من المسموعات والمبصرات وغيرها حصوليا كلّيا لا يمكن أن يقال مع ذلك انّها مدركة له ـ تعالى ـ على الوجه الكلّي الّذي لنا مدرك بالحسّ ـ لكون المحسوسات لنا مدركة لنا بتشخّصاتها ووجوداتها الخارجية ـ ، فالكلام المنقول من السيد السند هاهنا وإن كان صحيحا إلاّ أنّه لا يوافق ما صرّح به فيما قبل من اعتقاده بالعلم الحصولى. نعم! ، يمكن أن يقال : ما صرّح به السيد فيما قبل انّما هو لتصحيح كلام الحكماء وتوجيهه وذلك لا يستلزم أن يكون موافقا لهم في الاعتقاد ، بل اعتقاده ما نقلناه منه هنا ، فيكون قائلا بالعلم الحضوري ؛ هذا.
ثمّ لا يخفى أنّ الكلام المنقول من السيد هاهنا ليس صريحا في أنّ السمع والبصر عين العلم بالمسموعات والمبصرات ، بل يحتمل كونها زائدا على العلم الحضوري ، فانّ قوله : « يكون عالما بالمسموعات والمبصرات بالوجه الّذي يدركه الحواسّ بذاته » ظاهر في أنّ ادراكه ـ تعالى ـ للمسموعات والمبصرات على الوجه الزائد على وجود العلم الحصولي ، لأنّ ادراك الشيء بالعلم الحضوري ليس مثل ادراك البصر للمبصر المسمّى بالرؤية ، فان الرؤية مشتملة على أمر زائد على العلم الحضوري. وإطلاق السيد لفظ العلم عليه لا ينافي ذلك ، لأنّ كلّ واحد من الاحساسات قسم من العلم ، إلاّ أنّ هذا القسم من العلم غير العلم الحضوري المتعارف بينهم ؛ وسيجيء بيان ذلك مفصّلا. / ٢٠٠ MA /
وكذا قوله : « ويصدق عليه السمع والبصر بالحقيقة بلا تكلّف أيضا » يدلّ على ما نقلناه ـ كما لا يخفى ـ ؛ هذا.
وامّا القول بكون السمع والبصر نفس العلم بالمسموعات والمبصرات على الوجه الكلّي كما ذهب إليه الحصوليون فيعلم فساده ممّا تقدّم.
وأمّا القائلون بكونهما صفتين زائدتين على العلم فاحتجّوا على كونهما غير العلم بأنّا إذا علمنا شيئا كاللون مثلا علما تامّا ثمّ رأيناه فانّا نجد بين الحالتين فرقا ضروريا ، ونعلم بالضرورة أنّ الحالة الثانية تشتمل على أمر زائد مع حصول العلم ، فذلك الزائد هو الابصار.
وأجاب عنه بعض المشاهير : بانّ ذلك الفرق لا يمنع كونه علما مغايرا لسائر العلوم ،