قبل الرؤية حتّى يصحّ أن يقال : إنّه لما كان العلم حاصلا قبل الرؤية فما يزيد عليه بعدها هو الابصار ، لكن لا نسلّم إنّه معلوم قبل الرؤية إذ لا يمكن العلم بالمحسوسات بطريق آخر سوى الحسّ فلا يكون هو معلوما قبل الرؤية ، فلا يثبت قبل رؤية الجزئي العلم به حتّى يثبت شيء زائد حتّى يكون هو الابصار.
قيل : على هذا / ٢٠٣ DA / التقرير للجواب لا يصحّ ردّه على التقرير الأوّل بأن يقال : يمكن ادراك الجزئي قبل الرؤية بطريق الاطّلاع الحضوري ، لأنّ ذكر امكان الاطّلاع الحضوري على هذا التقرير لو ارتبط انّما يكون لتصحيح العلم بالمحسوسات قبل الاحساس بالرؤية مثلا ، ولا يخفى حينئذ أنّ كون الحالة الثانية مشتملة على أمر زائد على الحالة الأولى الّتي هي الاطّلاع الحضوري ليس أمرا ضروريا ، بل يكون ممنوعا ؛ انتهى.
والظاهر عدم الفرق بين التقريرين في امكان الدفع بالرد المذكور وعدمه ، فكما أنّه على التقرير الأوّل بعد الردّ بامكان ادراك الواجب المحسوسات بطريق الاطّلاع الحضوري ـ إن جاز أن يقال ـ فحينئذ لا يثبت شيء زائد على العلم السابق عليه. ويجاب بأنّ هذا جواب آخر غير ما ذكره المجيب ، فيجوز ذلك ـ أي : ايراد هذا السؤال مع الجواب على التقرير الثاني أيضا ـ ، وإن لم يجز ذلك على التقرير الأوّل ـ لضرورة / ٢٠٠ MB / المغايرة ـ فلا يجوز على التقرير الثاني أيضا.
ثمّ يمكن رد التقرير الثاني بأنّ الفرق بين الحالين لا يتوقف على كون الجزئي هو المعلوم بل يكفى وجدان الفرق بين العلم بشيء ورؤية شيء آخر وإنّ هذه الحالة غير تلك الحالة ، فللمستدلّ أن يقول : انّا إذا علمنا شيئا ورأينا شيئا آخر فانّا نجد بين الحالتين فرقا ضروريا ، فانّ الحالة الثانية بالنسبة إلى الشيء الثاني يشتمل على أمر زائد على مرتبة العلم ، وهو الابصار. وحينئذ فالجواب عن الاستدلال أن يقبل الفرق ويقال : إنّ الفرق لا يمنع كونهما نوعين من العلم ، لأنّ في كلّ فرد من العلم خصوصية لا توجد في غيره.
أقول : غير خفيّ بانّ مراد المستدلّ إنّ التفاوت والزيادة حاصل في حقيقة الرؤية المعبّر عنه بالفارسية ب : « ديدن » بالنسبة إلى مطلق العلم ـ سواء كان حصوليا أو حضوريا وبالنسبة إلى جميع افرادهما كائنا ما كان ـ ، لأنّه لا ريب في أنّ لكلّ واحد من