فاثبات أصل العلم الحضوري لا يغني عن اثبات الاحساس الّذي المراد به هو انكشاف الخصوصيات الزائدة على أصل الوجود ؛ انتهى.
هذا ما ذكروه في هذا المقام.
وأنت تعلم أنّ العلم الحضوري الّذي للواجب بالنسبة إلى جميع الأشياء يكون أشدّ ظهورا وانجلاء / ٢٠٤ DB / من جميع الادراكات سواء كان علما كلّيا أو جزئيا حضوريا أو احساسيا بالحواسّ الباطنية أو الظاهرية ، فحينئذ علمه الحضوري بالمبصرات والمسموعات يكون الظهور والانجلاء فيه أشدّ من الرؤية والسماع البديهيين الّذين فينا ، ولا يخرج منه شيء من الخصوصيات الّتي فيهما ، وبالجملة : علمه الحضوري بالمبصرات والمسموعات من الظهور والانجلاء بحيث لا يخرج شيء عن الخصوصيات الثابتة للاحساسات سوى ما هو نقص من تأثير الحواسّ والانطباع وخروج الشعاع والمباشرة وغير ذلك ، ولا شبهة في أنّ ادراك المحسوسات بخصوصياتها المعينة بدون الآلات والمباشرة والتأثير ـ وغير ذلك ممّا يعتبر في الاحساسات الّتي فينا ـ ليس إلاّ علما حضوريا. فالحقّ أنّ ادراكه ـ تعالى ـ للمحسوسات مطلقا سواء كانت مبصرات أو مسموعات أو مذوقات أو ملموسات أو غير ذلك راجع إلى علمه الحضوري بها. وهذا العلم لا يخرج عنه شيء من الخصوصيات ، والظهور والانجلاء فيه أشدّ من الاحساسات البديهية الّتي فينا. فما ورد في الشريعة من إطلاق السميع والبصير عليه ـ تعالى ـ دون الشامّ والذائق واللامس انّما هو لكونهما ألطف الحواسّ واقربيتهما إلى العلم واشعار غيرهما بالملاصقة والمباشرة.
ثمّ الظاهر إنّ مذهب الامامية بأسرهم هو ذلك ـ أي : كون السمع والبصر راجعين إلى / ٢٠٢ MA / العلم ـ. وقيل : الظاهر إنّ مذهب المحقّق الطوسي وغيره من أساطين الامامية هو مذهب المعتزلة دون ما اختاره الأشعري ؛ كما اشار إليه بعض أهل التحقيق بقوله : إنّ ما هو المشهور بين طلبة أصحابنا من كون السمع والبصر العلم بالمسموعات والمبصرات مطلقا وهو مذهب اصحابنا موضع تأمّل ، سيّما كون ذلك مذهب المحقّق الطوسي ؛ بل الحقّ انّهما صفتان زائدتان على العلم كما هو مذهب المعتزلة. والدليل على