أشخاصها منها » (١).
ثمّ ما ذكر في الايراد المذكور من أنّه لا سبيل إلى بيان استحالة النقص والآفة على الباري ـ تعالى ـ سوى الاجماع ، ففساده ظاهر ؛ إذ لا شكّ في أنّ صفة الوجوب الذاتي مستلزم لاستحالة النقص والآفة على واجب الوجود ، فلا حاجة إلى التمسّك بالاجماع في استحالة هذين الأمرين على الباري ـ تعالى ـ ؛ هذا.
ثمّ النافي لثبوت السمع والبصر للواجب ـ سبحانه ـ رجّح بوجهين :
الأوّل : أنّهما تأثّر الحاسّة عن المسموع والمبصر أو مشروطا به كسائر الاحساسات ، وأنّه محال في حقّه ـ تعالى ـ
واجاب عنه القائلون بالزيادة : بمنع المقدّمة الأولى ، إذ لا يلزم من حصولهما مقارنا للتأثير فينا كونهما نفس ذلك التأثير أو مشروطين به ، وإن سلّم أنّه كذلك في الشاهد فلا نسلّم أنّه في الغائب كذلك ، فانّ صفاته ـ تعالى ـ مخالفة بالحقيقة لصفاتنا ، فجاز أن لا يكون سمعه وبصره نفس التأثير ولا مشروطا به.
/ ٢٠٥ DB / وأنت خبير بأنّ الاظهر هو الجواب الآخر ، وحاصله : إنّ العقل لمّا دلّ على استحالة الآلات في حقّه ـ سبحانه ـ ولم يقم دلالة عقلية على وجوب كون الاحساس على النحو الخاصّ مطلقا بالآلة وتأثّرها فيحكم بجواز كون الاحساس في الواجب غير منوط بتأثر الآلة. وعلى ما اخترناه من ارجاعهما إلى العلم اندفاع الايراد ظاهر.
وبما قرّرناه تعلم جلية الحال في الجواب الّذي ذكره القائلون بالزيادة.
الثاني : إنّ اثبات السمع والبصر في الأزل ولا مسموع ولا مبصر فيه خروج عن المعقول ؛
وأجاب عنه القائلون بالزيادة : بأنّ كلاّ منهما نفس ذات الواجب وله تعلّقات حادثة كالعلم والقدرة. والحاصل إنّ مصحّحهما ومناطهما ليس إلاّ ثبوتهما له ـ سبحانه ـ بمعناهما الاضافي في الأزل مع عدم تحقّق مسموع ومبصر فيه ، كثبوت العلم بالحوادث له
__________________
(١) راجع : نقد المحصّل ، ص ٢٨٨.