( الفصل السادس )
( في كلامه ـ سبحانه ـ )
قد تواتر عن الأنبياء واطبقت الشرائع كلّها على أنّه / ٢٠٣ MA / ـ تعالى ـ متكلّم ، إذ ما من شريعة إلاّ وفيها أنّه ـ تعالى ـ أمر بكذا ونهى عن كذا وأخبر بكذا ؛ وكلّ ذلك من اقسام الكلام.
ثمّ لما ثبت صدق الأنبياء بدلالة المعجزات من غير توقّف على اخبار الله ـ تعالى ـ عن صدقهم بطريق التكلّم فلا يلزم من اثبات تكلّمه ـ تعالى ـ بالشرع دور بلا شبهة. وبالجملة لا خلاف لأرباب الملل والاديان في كونه ـ سبحانه ـ متكلّما ، وانّما الخلاف في معنى كلامه وفي قدمه وحدوثه. فالحنابلة قالوا إنّ كلامه ـ تعالى ـ حروف واصوات ، إلاّ انهم قالوا انّها حادثة قائمة بذاته ـ تعالى ، نظرا إلى تجويزهم قيام الحوادث بذاته سبحانه ـ ، وهذا هو المطابق لما نسب إليهم شارح المواقف. وامّا المذكور في المقاصد وشرحه فهو إنّ مذهب الكرامية إنّ الكلام هو قدرته ـ تعالى ـ على التكلّم وهو قديم والمنتظم من الحروف ليس كلامه ، بل هو قوله وهو حادث. قال صاحب المقاصد ما توضيحه : إنّه لمّا رأت الكرامية انّ بعض الشرّ أهون من بعض وانّ مخالفة الظواهر أشنع من مخالفة الدليل فلم يخالفوا الظواهر ـ أعني : كون المنتظم من الحروف حادثا ـ وخالفوا مقتضى الدليل القائم على عدم جواز قيام الحوادث بذاته ـ تعالى ـ ،