الغلاف غير مفترى!.
وقيل : إنّ مرادهم بقدم الكلام قدم علم الباري ـ تعالى ـ ، ولهذا قالوا بقدم الجلد / ٢٠٧ DA / والغلاف ، فانّ العلم بهما أيضا قديم.
وغير خفيّ بأنّ ما ذكروه لا يلائم شيئا من هذه التأويلات ؛ بل الأولى الاعراض عن التأويل ، فانّه جار في اكثر المذاهب الباطلة والتعرّض له انّما نشأ من التعصّب المبرّى عنه أهل الحقّ.
وامّا مذهب الكرامية ففيه : أنّه لا معنى لقيام الاصوات والحروف بذاته ـ تعالى ـ ، سواء قالوا بانحصار كلامه فيها ـ على ما في شرح المواقف ـ أو قالوا بانّ قوله وكلامه هو قدرته على التكلّم ـ كما في شرح المقاصد ـ. نعم! ، الفساد في الأوّل أشدّ ، لانّه مع لزوم قيام المنتظم بذاته يلزم جعل كلامه منحصرا به ـ أي : بما به التكلّم ـ مع أنّ التكلّم الحقيقى هو القدرة على التكلّم والاضافي هو نفس احداث الحروف والاصوات.
وامّا مذهب المعتزلة فالظاهر ممّا نقلنا عنهم انّهم قالوا بالكلام بالمعنى الثاني والثالث وبحدوثهما ؛ وأمّا قولهم بالمعنى الثالث فظاهر ممّا نقلنا عنهم ؛ وأمّا قولهم بالمعنى الثاني فلأنّهم قالوا ـ كما نقلنا عنهم ـ : إنّ معنى كونه ـ تعالى ـ متكلّما : أنّه خلق الكلام في بعض الأجسام ، والظاهر المتبادر من الخلق : الخلق بالفعل ، وهو نفس الاحداث والإلقاء الّذي هو معنى اضافي. وأمّا قولهم بحدوثهما فلتصريحهم به ـ كما نقلناه عنهم ـ. ولا ريب في أنّ القول بهما وبحدوثهما / ٢٠٤ MB / من دون القيام بذاته ـ تعالى ـ وإن كان حقّا نقول به إلاّ أنّه ليس في كلامهم أثر من الكلام بالمعنى الأوّل ـ أعني : القدرة على الإلقاء ـ ، فانّ قولهم : « معنى كونه متكلّما إنّه خلق الكلام ـ ... إلى آخره ـ » لا يثبت منه إلاّ التكلّم الاضافي الحادث الّذي هو المعنى الثاني دون التكلّم الحقيقى الّذي هو المعنى الأوّل ، إذ المتبادر من الخلق هو الخلق بالفعل ، وهو ليس من الصفات الحقيقية لكونه حادثا غير ثابت في الأزل. وبالجملة التكلّم المذكور في كلامهم هو المعرّف بأنّه خلق الحروف والاصوات في بعض الأجسام ؛ وهو ليس من الصفات الحقيقية ، لأنّ التكلّم الحقيقى يعرف بأنّه أمر هو مصدر تأليف الكلمات أو القدرة على ذلك التأليف وخلقه ، و