في الجهات حقيقة ، لأنّ سماع موسى ـ عليهالسلام ـ على ما هو الفرض راجع إلى تعقّل إجمالي ولا يتصوّر في المعنى كونه في الجهات.
وربما يورد عليه : بأنّه لو اوجد الألفاظ في صماخ موسى ـ عليهالسلام ـ لامكن أن يكون نسبته إلى جميع الجهات على السوية ، لأنّه لم يجيء من جهة خاصّة بل انّما يوجد هناك ، ولو فرض استماعه من جميع الجهات حقيقة فيجوز أن يوجد الله الكلام في الهواء المحيطة بموسى ـ عليهالسلام ـ من جميع الجهات لا من جهة واحدة حتّى يلزم خلاف النقل. على أنّه يرد على أصل الدليل بأنّه يجوز أن يحدث / ٢١٢ DB / الله ـ تعالى ـ في سمع من كان قريبا من موسى ـ عليهالسلام ـ مانعا يمنعه عن السماع.
وقد ظهر ممّا ذكر أنّ ما ذكر دليلا لسماع موسى ـ عليهالسلام ـ بلا صوت وحرف ليس تامّا ؛ ومنه يظهر عدم الوجه المنقول من الغزالي لاختصاصه ـ عليهالسلام ـ بكونه كليما.
وقال بعض الفضلاء : الدليل على سماع موسى بلا صوت وحرف هو أنّه يمكن السماع بلا صوت وحرف بأن يحدث الواجب ـ تعالى ـ صورة المسموع في السامعة بدون أن يحصل الصوت أوّلا في الهواء ثمّ تموّج إلى أن يصل إلى الصماخ ـ على ما هو المتعارف في السماع ـ. ونظير هذا في الرؤية أنّ المتعارف في الرؤية أنّه يشترط فيها مقابلة المرئي وعدم القرب والبعد / ٢٠٩ MB / المفرطين وغير ذلك من الشرائط ، ومع ذلك ذكر أنّه يجوز أن يحصل صورة المرئي في الحسّ المشترك بدون مقابلة المرئى في الخارج وبدون تأدية البصر إلى الحسّ المشترك ـ كما هو المتعارف ـ. لكن هذا بطريق خرق العادة ، فيكون معجزة ، فلا يكون إلاّ للانبياء ـ على ما حقّقه الشيخ في إلهيات الشفا ـ.
وأنت خبير بأنّ امكان السمع بلا صوت وحرف على المنهج المذكور لا يفيد القطع بأنّ سماع موسى ـ عليهالسلام ـ كان بهذا النحو ، غاية ما في الباب أنّه يفيد جواز السماع بدون حرف وصوت ، ولا كلام فيه ؛ انّما الكلام في كون سماع موسى ـ عليهالسلام ـ كذلك.
ثمّ ما ذكره عن الغزالي في الوجه المنقول عنه من تشبيه السماع بلا صوت وحرف