قديم إلاّ باعتبار اندراجه في العلم القديم الّذي هو عين ذات الواجب ـ تعالى ـ ، فيكون بالحقيقة العلم الّذي هو عين ذاته ـ تعالى ـ قديما. ولا نزاع للمعتزلة في ذلك ، بل نزاعهم انّما هو في كون الكلام الّذي هو متعلّق التكلّم قديما باعتبار ذاته ، لا باعتبار العلم الإجمالي الّذي هو عين ذات الواجب ؛ انتهى.
أقول : انّك قد عرفت فيما سبق اطلاق القول بالعلم الإجمالي ، فيكون الاطلاق الرابع للكلام اللفظى عندنا باعتبار اندراجه في العلم التفصيلي الّذي هو عين ذاته بالمعنى المذكور.
ثمّ العلم بالكلام اللفظى ـ أي : الألفاظ الدالّة على معانيها المخصوصة ـ يتناول العلم بنفس الالفاظ الدالّة والعلم بمعانيها ، فما اختاره الشهرستاني في تصحيح كلام الأشعري من أنّ الكلام النفسي عبارة عن الألفاظ الدالّة باعتبار وجودها في الذهن ليس شيئا وراء العلم بنفس الألفاظ ، إذ ليس الألفاظ الدالّة باعتبار وجودها في الذهن إلاّ العلم بها.
ثمّ من حيث انّها معلومة للواجب ـ سبحانه ـ يكون العلم بها قديما ، ومن حيث انّها معلومة لغيره ـ تعالى ـ يكون العلم بها غير قديم ، وهو ما قيل في المشهور من : أنّ الكلام النفسي انّما هو معاني الألفاظ الموجودة في الاذهان من حيث هي حاكية عن الأمور الخارجة ـ وذلك في الأخبار ـ ، ومن حيث هي مقتضية للطلب ـ وذلك في الأمر والنهي ـ بأن يكون معاني الألفاظ بحيث يمكن أن يفهم من الفاظها الدالّة عليها طلب الفعل أو الترك أو من حيث هي مشعرة للتغيير ونحوه ليس شيئا وراء العلم بمعاني الالفاظ ، إذ معاني الألفاظ الموجودة في الاذهان ليس إلاّ العلم بها ؛ فهذا العلم قديم إن كان من الواجب ـ تعالى ـ وحادث إن كان من غيره.
فان قيل : كلّ واحد من الألفاظ ومعانيها الموجودة في الاذهان إذا اخذت من حيث هي يكون غير العلم بها وإن لم ينفكّ بوصف الموجودية في الاذهان من العلم بها ، إلاّ أنّ أحدها / ٢١٢ MA / من حيث هي ممكن ؛ فالكلام النفسي على توجيه الشهرستانى هي الالفاظ من حيث هي ، وعلى توجيه المشهور هي المعانى من حيث هي. وعلى هذا