الازلي هو ما به التكلّم ، فانّ كلامه لا يصحّ إلاّ باعتبار هذين المعنيين ، وكونه امرا واحدا يعرض له التعلّقات الحادثة انّما يصحّ أيضا لو كان المراد به أحد المعنيين. وحينئذ فحاصل كلام الأشعري : انّ الواجب الوجود بذاته متكلّم في الأزل ولا يحتاج في تكلّمه إلى أمر زائد على ذاته ـ تعالى ـ ، فذاته ـ تعالى ـ من حيث يقتضي القاء الكلام إلى المخاطب تكلّم ولا يحتاج الواجب في تكلّمه إلى أمر زائد على ذاته من لسان أو غيره ، فكذلك لا يحتاج في العلم الإجمالي إلى ما به التكلّم الّذي هو الكلام اللفظى واحضاره ، ولا إلى صورة خيالية أو غيرها ، فينحصر له ـ تعالى ـ ، فانّ ذاته كاف في احضار ما به التكلّم وانكشافه. فذاته ـ تعالى ـ علم اجمالي بما تكلّم ـ تعالى ـ به ، فذاته كاف في التكلّم واحضار ما به التكلّم. فما به التكلّم له نحو من الوجود باعتبار / ٢١٣ MB / اندراجه في المعلومات بالعلم الّذي هو غير زائد على الذات ، فهو كسائر المعلومات مندرج في علمه الكمالي ، فانّ للانسان تكلما وما به التكلّم ـ وهو الصورة الخيالية للالفاظ أو الصورة المثالية لمعانى الألفاظ ـ ؛ وفي التكلّم يحتاج إلى اللسان وفي ما به التكلّم إلى الخيال أو ما في حكمه ـ كالحسّ المشترك والحافظة وغيرهما من القوى الجزئية للنفس ـ. وامّا ذات الواجب ـ تعالى ـ فلا يحتاج في التكلّم إلى الغير ، فهو بذاته متكلّم ، فتكلّمه ـ تعالى ـ غير زائد على ذاته ولا يحتاج أيضا إلى امر زائد على الذات فيما به التكلّم. فنسبة ذاته ـ تعالى ـ إلى ما به التكلّم كنسبة الصور الخيالية للالفاظ فينا في تلك الالفاظ الّتي هي ما به التكلّم ، فكما أنّ الصورة الخيالية باعتبار وجودها في النشأة الخيالية علم بما به التكلّم من غير احتياج إلى صورة اخرى في انكشافه فكذلك نفس ذاته ـ تعالى ـ علم بما به التكلّم من غير احتياج / ٢١٦ DB / إلى تلك الصورة وغيرها ، بل ذاته ـ تعالى ـ منشئا لانكشاف الألفاظ ومعانيها. فذاته ـ تعالى ـ بمنزلة هذه الصورة في الانكشاف ، بل لا نسبة بينهما ، فذاته ـ تعالى ـ من حيث أنّه منشئا لانكشاف الالفاظ ومعانيها سبب لأن يكون للألفاظ ومعانيها نحو من الوجود الإجمالي ووحدة باعتبار لو تأمّلت يرجع ذلك الوجود وتلك الوحدة إلى العلم الإجمالي بها. ولأجل أنّ الالفاظ والمعاني مندرجان في العلم الإجمالي وهما بهذا الاعتبار واحد والكلام النفسي راجع إلى