التكليف في دار الجزاء ؛ وهو باطل اجماعا.
السادس : إنّ الكلام لو كان ازليا لاستمرّ ازلا وابدا ـ لما ذكر آنفا ، ـ فلم يختصّ مكالمة موسى ـ عليهالسلام ـ بالطور ؛ وهو باطل اجماعا.
السابع : إنّ القديم يستوي نسبته إلى جميع ما يصحّ تعلّقه به ـ كما في العلم ـ ، فيتعلّق الأمر والنهي بكلّ فعل حتّى يكون المأمور منهيا وبالعكس ؛ واللازم باطل قطعا. وهذا الوجه منهم الزامي على الأشاعرة حيث لا يقولون بالحسن والقبح العقليين ليمنعوا صحّة تعلّق الأمر بما يتعلّق به النهي وبالعكس.
وأجيب عن هذه الأدلّة الثلاثة : أنّ الكلام وإن كان ازليا لكن تعلّقاته بالأشخاص والأفعال حادثة بإرادة من الله ـ تعالى ـ واختيار ، فيتعلّق الأمر بصلاة زيد بعد بلوغه وينقطع عند موته ، ويتعلّق الكلام بموسى ـ عليهالسلام ـ في الطور.
وأورد على الخامس أيضا : بانّ ابدية الأمر لا يقتضي بقاء التكليف ، لأنّ وجود الأمر ـ بل كلّ خطاب دائما ـ لا يقتضي إلاّ حصول مفاده ومقتضاه دائما ، وليس مفاد الأمر الاتيان بالفعل في كلّ وقت حتّى إذا حصل مفاده لزم حصول التكليف في دار الجزاء ، بل مفاده الاتيان بالفعل في دار الدنيا وهو باق دائما ، والتكليف به واقع دائما حتّى يصدق أنّ المكلف مأمور في العقبى بالاتيان بالفعل في دار الدنيا. وهذا ما قالوا : إنّ صدق المطلقة دائمي ، نظيره لو قال أحد مخاطبا لزيد : افعل كذا في اليوم الجمعة المخصوصة مثلا وفرضنا صدور هذا الكلام منه دائما قبل هذا اليوم وبعده لا يقتضي إلاّ اتيان زيد بالفعل المذكور في يوم الجمعة المخصوصة دون فعله دائما ؛ انتهى.
وأنت خبير بانّه لو كان للكلام النفسي القديم معنى محصّل لم يكن هذه الأدلّة الثلاثة صالحة لإبطاله ، لما ذكر من الجواب والايراد. فالعمدة في ابطاله ما تقدّم من أنّه ليس له معنى محصّل سوى الكلام الحقيقي أو العلم الكمالي ، وهو غير متنازع فيه.
ثمّ لا ريب في أنّ غرض المعتزلة من هذه الأدلّة ابطال الكلام اللفظي الأزلي دون التكلّم الحقيقى ، فهى غير دالة على عدم اعتقادهم بالتكلّم الحقيقي ؛ هذا.
وقال بعض المشاهير : جميع هذه الأدلّة إنّما تنتهض في الكلام اللفظي باعتبار