وجوده العيني وفي معناه باعتبار كونه مدلولا له بالعقل ، وجميع الأجوبة مبنية على أنّ الكلام الازلي هو التكلّم الحقيقى الّذي هو أمر واحد غير زائد على ذاته ـ تعالى ـ ، أو العلم الاجمالي / ٢١٥ MA / بالكلام مع اقترانه باقتضاء القاء الكلام للاعلام في وقته لا الالقاء بالفعل في الأزل وإن كان الاقتضاء ازليا ، وهو ـ أي : العلم الإجمالي ـ أمر واحد غير زائد على ذاته عند المحقّقين ؛ انتهى.
وأنت بعد الاحاطة بما تقدّم تعلم حقّية هذا الكلام ؛ هذا.
وبقى لنا من هذا المبحث أن نذكر كلاما أورده صاحب المواقف في تحقيق كلام / ٢١٥ DA / الله النفسي ونشير إلى حقيقة الحال فيه. وحاصل ما أورده هو : أنّ اللفظ يطلق تارة على مدلول اللفظ ، وأخرى على الأمر القائم بالغير. فالشيخ الأشعري لمّا قال الكلام هو المعنى النفسي فهم الاصحاب منه أنّ مراده مدلول اللفظ وحده وهو القديم عنده ، وأمّا العبارات فانّما يسمّى كلاما مجازا لدلالتها على ما هو كلام حقيقة. حتّى صرّحوا بانّ اللفظ حادث على مذهبه أيضا ، لكنّها ليست كلامه ـ تعالى ـ حقيقة. ومذهب الّذي فهموه من كلام الشيخ له لوازم كثيرة فاسدة ـ كعدم تكفير من أنكر كلاميّة ما بين دفّتي المصحف مع أنّه علم من الدين ضرورة كونه كلام الله تعالى حقيقة ؛ وكعدم المعارضة والتحدّي بكلام الله تعالى الحقيقي ؛ وكعدم كون المقروء والمحفوظ كلامه حقيقة إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على المتفطّن في الاحكام الدينية ـ ؛ فوجب حمل كلام الشيخ على أنّه أراد المعنى الثاني. فيكون الكلام النفسي عنده أمرا شاملا للفظ والمعنى جميعا قائما بذات الله ـ تعالى ـ وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسن محفوظ في الصدور ، وهو غير الكتابة والقراءة والحفظ الحادثة ، إذ هي من أفعال البشر. وعلى هذا يكون الفرق بين الملفوظ والتلفّظ وبين المكتوب والكتابة وبين المقروء والقراءة وبين المحفوظ والحفظ بالقدم والحدوث.
وما يقال من : أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فيكون حادثة فلا يمكن أن يكون الأمر الشامل لها وللمعنى جميعا قديما مع أنّ الكلام اللفظي النفسي عند الشيخ الأشعري قديم ؛ فجوابه : إنّ ذلك الترتيب انّما هو في اللفظ بسبب عدم مساعدة الآلة ، فالتلفّظ