ـ كما في الاخبار ـ أو مشعرا للطلب ونحوه ـ كما في الانشائيات ـ ، وتلك الحكاية وذلك الاشعار انّما يوجدان بالذات في معاني الألفاظ ؛ وبذلك يعلم أنّ كلاّ من الألفاظ الموضوعة ومعانيها كلام. وأيضا الكلام الّذي ينقسم إلى الخبر والأمر والنهي وأمثالها انّما يكون بالحقيقة معاني الألفاظ الموضوعة ، فانّ الخبر ما يحتمل الصدق والكذب ، والأمر ما يقتضي الطلب ، والصدق والكذب انّما يعرضان للمعاني بالذات ؛ وكذلك اقتضاء الطلب ونحوه انّما هو من عوارض المعاني.
وأيضا إذا قيل في الأمر بالقيام مثلا بالعربى أو بلغة أخرى لا يختلف الأمر بالحقيقة وإن اختلف العبارات ، وهذا هو الباعث للحكم بانّ القديم بالحقيقة هو معانى الألفاظ المؤلّفة الموضوعة ؛
قلنا : على كلّ من التقديرين المذكورين ـ أي : كون الكلام هو اللفظ فقط ، أو اللفظ والمعنى ـ لا يصحّ الحكم على الكلام بانّه صفة لذات / ٢١٦ MA / الحقّ وقديم إلاّ بتأويله إلى العلم الإجمالي به ـ كما اختاره الطائفة الّتي أشار إليها المحقّق الطوسي في الكلام المنقول عنه بقوله : « ومنهم من قال بانّه هو العلم » ـ ، أو إلى العلم به مع ضميمة اقتضاء الذات لا لقائه إلى المخاطبين ـ كما ذهب إليه الطائفة الّتي أشار إليها بقوله : « ومنهم من قال بانّه زائد على العلم قديم غير مؤلّف ولا مسموع » ـ. وامّا القول بانّه مؤلّف قديم ليس بمسموع وزائد على العلم ، فلا يصحّ الحكم عليه بانّه صفة لذات الحقّ ، لأنّه إذا كان الكلام مؤلّفا فلا بدّ له من تمييز بعض الأجزاء عن بعض وترتيب فيما بينهما ، وهذا لا يتصوّر إلاّ باعتبار الوجود العيني أو الوجود الارتسامي في شيء موجود في الخارج ، فلا يكون صفة لذات الحقّ إلاّ على مذهب من قال بالعلم التفصيلي القديم. وكان معنى زيادته على العلم أنّ له ضميمة قصد القائه إلى المخاطبين. وقوله ـ أي : قول المحقّق ـ : « ومنهم من قال إنّه مؤلّف مسموع » اشارة إلى ما اختاره من مذهب المعتزلة. وقوله : « والذين يقولون ... إلى آخره » اشارة إلى مذهب الحنابلة. وقوله : « ولا يتفكّرون في معنى قولهم » اشارة إلى انّهم لا يفهموا معنى الحدوث والقدم ؛ انتهى.
وغير خفيّ بأنّ ما ذكره ـ في جواب السؤال المذكور من أنّ الكلام سواء كان هو اللفظ