أو المعنى لا يمكن أن يكون صفة لذات الحقّ ـ وإن كان حقّا إلاّ أنّ الأصوب في الجواب عنه منع صحّة اثبات اللغة بالقياس ـ كما هو مقرّر عند أهل التحقيق من علماء الأصول ـ.
ثمّ ما ذكر في السؤال لبيان اطلاق الكلام حقيقة على المعاني ـ بأنّ الحكاية عن الواقع والإشعار للطلب انّما يوجدان بالذات في المعانى ـ ، ففيه منع ظاهر ؛ لأنّ الاشعار / ٢١٩ DA / بالذات انّما يكون في الألفاظ ، فانّ التفهيم والتفهم انّما يحصلان بالألفاظ ، فاذا كان طريق فهم المعاني منحصرا بالالفاظ فالمفسّر للطلب والحكاية ليس إلاّ الألفاظ.
وما ذكر من : « أنّ الكلام الّذي ينقسم إلى الخبر والأمر والنهي وأمثالها انّما يكون بالحقيقة معانى الالفاظ ـ إلى قوله انّما هو من عوارض المعاني » ، فيه : انّا لا نسلّم أنّ معانى الألفاظ ينقسم إلى الخبر والانشاء ، بل الألفاظ ينقسم إليها. ومعنى قولهم : « الخبر ما يحتمل الصدق والكذب » : إنّ الخبر لفظ معناه يحتمل الصدق والكذب ، لأنّ كلمة « ما » في « ما يحتمل » عبارة عن اللفظ ، ومعناه : الخبر لفظ يحتمل معناه الصدق والكذب ؛ وكذا الأمر لفظ معناه يقتضي الطلب. ونظير ذلك كثير ، مثل ما يقال : إنّ الاسم ما دلّ على معنى في نفسه ، بلفظ ما وإن كانت عامّة بحسب الظاهر لكن العموم ليس بمراد ، بل المراد الخاصّ ـ وهو اللفظ ـ. وبالجملة الخبر والانشاء لا يكون حقيقة صفة لشيء غير اللفظ. وما قيل من : « أنّه إذا قيل في الأمر بالقيام ـ ... إلى قوله ـ : لا يختلف الأمر بالحقيقة وإن اختلف العبارات » ، ففيه : إنّه انّما يتمّ ذلك إذا لم يكن لخصوصية لفظ دون لفظ دخل في الأمر بالقيام ، والأمر ليس كذلك ، فانّه وضع في اللغة العربية لفظ خاصّ للأمر بالقيام ولا يصحّ الأمر بدون غيره من الألفاظ العربية ؛ وكذا في التركى وغيره من اللغات لفظ خاصّ للأمر بالقيام ولا يصحّ بغيره ، فلخصوصية لفظ كلّ طائفة دخل في الأمر بالقيام ، ولا يحصل الغرض بدون ذلك اللفظ حتّى يؤدّي بغيره ، لاختلاف الأمر بالحقيقة ؛ هذا.
وممّا يرد على ما فهم اصحاب الأشعري من كلامه المفاسد الّتي اشار إليها صاحب المواقف ، وقد تقدّم بعضها وقد عرفت أنّه قد اجاب عنها بعضهم بأنّه لا نزاع في اطلاق اسم القرآن وكلام الله ـ تعالى ـ بالاشتراك اللفظي على هذا المؤلّف الحادث ، و