الأشعري من أنّ الكلام النفسي شامل للفظ والمعنى معا وإنّ ترتيب الحروف انّما هو في اللفظ دون الملفوظ / ٢١٧ MA / حتّى يكون التلفّظ حادثا دون الملفوظ وإنّ الترتيب فينا انّما هو لقصور الآلة ـ ، فيدلّ على بطلانه : أنّ ذلك أمر خارج عن طور العقل ، وما ذلك إلاّ مثل أن يقال : يمكن أن تكون حركة تكون اجزائها مجتمعة في الوجود ولا يكون لبعضها تقدّم على البعض ، وانّما يتعاقب اجزاء الحركة فينا لعدم مساعدة الآلة. وإذا كان عدم الترتب في الملفوظ باطلا لزم كونه حادثا ويكون المعنى أيضا حادثا ، فلا يمكن أن يكون ما هو شامل لهما قديما صفة لذات الحقّ.
وأجاب عنه بعض المشاهير : بانّ ذلك انّما يكون خارجا عن طور العقل باعتبار الوجود الخارجي ، وأمّا باعتبار الوجود العلمي أو العقلي أو الظلّي أو المثالي فليس خارجا عنه وبهذا الاعتبار قيل : إنّ كلام الله بمعنى التكلّم على أقسام ستّة :
أحدها : التكلّم الحقيقي الّذي هو غير زائد على ذاته ـ تعالى ـ وكونه ـ تعالى ـ باعتبار ذاته بحيث يقتضي الأوامر والنواهي وشبههما والقاء الاخبار إلى المخاطبين ؛ وهو الّذي يسمّى بـ « الخطاب القديم » ؛
وثانيهما : هو التكلّم الّذي بينه وبين المجرّد القدسي ، وهو القاء الواجب ـ تعالى ـ ما يحكم ويوجد إلى العلم الإجمالي بالقلم الأعلى ؛
وثالثها : التكلّم الّذي هو القاء الواجب ـ تعالى ـ ما يحكم ويوجد بواسطة القلم إلى اللوح المحفوظ ، وكتابته فيه ما يحكم ويوجد ؛
ورابعها : التكلّم النفسي الّذي هو القاء الواجب ـ تعالى ـ إلى النفوس المجردة الاحكام والاخبار ؛
وخامسها : التكلّم المثالي الّذي هو القاء الألفاظ المثالية الدالّة على المعاني المقصودة إلى النفوس الإنسانية في عالم المثال ؛
وسادسها : التكلّم الّذي هو القاء الألفاظ الدالّة على المعانى المقصودة إلى النفوس الانسانية في عالم الملك ، وبإزاء كلّ تكلّم كلام لائق بمعنى ما به التكلّم.
وحاصل هذا الجواب إنّ الترتّب في الألفاظ انّما يكون باعتبار الوجود الخارجي