لا باعتبار الوجود العقلي أيضا ، فمراد صاحب المواقف أنّ الألفاظ ليس فيها ترتيب باعتبار الوجود العقلي. / ٢٢٠ DA /
ولا يخفى ما في هذا الجواب! ، فانّه وإن كان في نفسه حقّا إلاّ أنّه لا يمكن حمل كلام صاحب المواقف عليه ، لأنّ قوله : « وترتّب الحروف والألفاظ انّما هو فينا لعدم مساعدة الآلة » يأبى عن هذا التوجيه ، لأنّ عدم الترتّب في الألفاظ باعتبار الوجود العقلي ليس مختصّا بالواجب ـ تعالى ـ ، بل فينا أيضا كذلك ؛ فلا وجه حينئذ لقوله : « انّما هو فينا لعدم مساعدة الآلة ». فلا بدّ من الحمل على الوجود الخارجي حتّى يتصوّر في بادى الرأي أنّ ترتّب الحروف والألفاظ باعتبار الوجود الخارجي انّما هو فينا لعدم مساعدة الآلة ؛ وحينئذ يتوجّه عليه الايراد المذكور.
وأورد المحقّق الدواني على توجيه صاحب المواقف أيضا بانّه كيف يتصوّر أن تكون الصفة القائمة بذاته ـ تعالى ـ والأصوات القائمة بنا متّحدة الحقيقة حتّى يصحّ أن يقال : إنّ تلك الاصوات قائمة بذاته ـ تعالى ـ من غير ترتّب فينا ، وترتّبه لقصور الآلة.
وهذا الايراد يمكن تقريره على وجهين :
أحدهما : إنّه باعتبار تلك الأصوات متّحدة مع صفته ـ تعالى ـ ، فينبغي أن لا يكون منتظمة مؤلّفة وباعتبار انّها اصوات ينبغى أن تكون مترتّبة منتظمة ، فكيف يجتمع هذان الأمران؟! ؛
وثانيهما : إنّه لا يجوز اتحاد صفة الله ـ تعالى ـ مع الحقيقة الممكنة حتّى يقال : إنّ حقيقة الأصوات باعتبار انّها صفة للواجب ـ تعالى ـ لا تكون مع ترتيب ، وباعتبار انّها مع الممكنات تكون مرتبة. على أنّه إذا كان / ٢١٧ MB / الشيء متّحد الحقيقة يجب أن لا يختلف بحسب الحقيقة ، فيجوز أن لا يختلف تلك الاصوات في الترتيب وعدمه ، لأنّه لو جاز هذا لجاز أن لا يكون الحركة في محلّ تدريجية الوجود وفي محلّ آخر غير تدريجية الوجود ؛ وهذا ليس إلاّ السفسطة الصريحة!.
فان قيل : يجوز هذا باعتبار الوجودين ـ أعني : الذهني والخارجي ـ ؛
قلنا : كون الحروف والاصوات صفة للواجب ـ تعالى ـ يقتضي كونها من