ومنها : إنّ قوله : « وكلامه ـ تعالى ـ هي الكلمات الّتي هي مؤلفة له ـ تعالى ـ بذاته في علمه القديم بغير واسطة » / ٢٢١ DB / إن أراد انّ تلك الكلمات لها وجود علمي في ذاته ـ تعالى سواء كان العلم عين الذات أم لا ـ ، فهو حقّ لا نزاع للمعتزلة في ذلك ، لأنّ جميع الأشياء ـ سواء كانت الفاظا أو غير الفاظ ـ معلومة له ـ تعالى ـ في الأزل ، لكن الألفاظ والكلمات المترتّبة باعتبار وجودها العلمي ليست فردا من الكلام اللفظي ، ولهذا لو تخيّل واحد منّا كلمات مرتّبة مدّة مديدة ولم يتلفّظ بها في الخارج يصحّ أن يقال في حقّه : أنّه لم يتكلّم في تلك المدّة.
وإن أراد أنّ تلك الكلمات المرتّبة تصدر عنه في الخارج بسبب علمه القديم والقدرة القديمة ، فهو أيضا حقّ لا نزاع للمعتزلة فيه.
وأيضا الكلام هو ما يكون من جنس الحروف والاصوات ، فالّذي في علمه القديم إن كان من جنسهما يلزم قدم غيره ـ سبحانه ـ ، وهو باطل ؛ ومع ذلك يلزم جواز اشتراك الواجب والممكن في صفة من الصفات باعتبار الجنس أو النوع ، وهي الكلام ـ لأنّ كلام الممكن أيضا من جنس الأصوات والحروف ـ.
وإن لم يكن ما في علمه القديم من جنس الأصوات والحروف ومع ذلك كان فردا من الكلام اللفظي لزم جواز أن يكون لطبيعة واحدة فردان : أحدهما فيه تعاقب وتدريج ـ كالكلام اللفظى الموجود في الخارج ـ ، والآخر ليس فيه / ٢١٩ MA / تدريج وتعاقب ـ كالكلام اللفظي الّذي في علمه القديم ، على ما هو الفرض ـ.
فاذا جاز ذلك فنقول : فليتّجه أن يكون لطبيعة الحركة فردان : أحدهما أن لا يكون أجزائها مجتمعة ، والآخر أن يكون أجزائها مجتمعة ، وهو بديهى البطلان ـ على ما ذكره هذا المحقّق في شرح العقائد ـ. ويظهر أنّ الكلام اللفظي إذا حصل في الذهن لا يكون فردا من الكلام اللفظي ، بل يكون فردا من العلم.
فان قلت : مذهب التحقيق إنّ علم الواجب ـ سبحانه ـ بالاشياء حضوري ، ومن جملة الأشياء الكلمات المركّبة من الأصوات والحروف ، فتكون جميع الكلمات حاضرة بأنفسها عند الواجب ـ سبحانه ـ ، وهذه الكلمات الحاضرة بانفسها عند الواجب يجوز