اللفظي أو العلم بما هو أعمّ منهما بناء على أنّه حقيقة فيما يعمّ اللفظ والمعنى ـ على ما مرّ ـ. ويجب أن يحمل على العلم الإجمالي ليصحّ وصفه بالقدم والوحدة ـ كما هو مذهب الأشعري ـ. وبالجملة صحّة التحقيقات الأربعة المذكورة في تصحيح مذهب الأشعري ـ أعني : تحقيق صاحب المواقف وتحقيق المحقّق الدواني والعلاّمة النيسابوري ومن قال إنّ تكلّمه بالقرآن عبارة عن كتابته ـ ... إلى آخره ـ » انما يكون باعتبار رجوعها إلى أنّ الكلام القديم هو العلم الإجمالي الّذي تحقّقه بمنزلة تحقّقه ـ كما لا يخفى ـ ، والمحقّق الطوسي لا ينكر ذلك التأويل ، بل كلامه ليس إلاّ في عدم الاحتياج إليه.
فان قيل : كيف يقول المحقّق لا احتياج إلى التأويل المذكور مع أنّ الاحتياج إليه حاصل لوجهين : أحدهما : كون التكلّم صفة كمالية ، وثانيهما : العبارات الواقعة في الشريعة ـ مثل قوله تعالى : ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) (١) ؛ ومثل قوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ) (٢) ـ فانّ تلك الآيتين تدلاّن على أنّ القرآن الّذي هو كلام الله ـ تعالى ـ انزل من العلم إلى العين ، فالمندرج في العلم الإجمالي القديم هو القرآن الّذي هو كلام الله القديم باعتبار هذا الاندراج. وهذا خلاصة التحقيقات الأربعة المذكورة ، فانّ الاختلاف فيها انّما هي في العبارة.
قلت : لا شيء من هذين الباعثين ـ أعني : كون التكلّم صفة كمالية والعبارات الواقعة في الشريعة ـ بوثيق عند المعتزلة والمحقّق الطوسي ؛
أمّا الأوّل : فلانّهم يمنعون كون التكلّم الّذي لا بدّ له ممّا به التكلّم صفة كمالية قديمة حتّى يحتاج إلى اثبات شيء أزلي يطلق عليه الكلام ، لأنّ مثل هذا التكلّم ـ أعني : التكلّم بالفعل ـ صفة اعتبارية لا صفة كمالية ، لانّها حادثة والحادث لا يصحّ أن يكون صفة كمالية له ـ تعالى ـ ، بل التكلّم الكمالي عندهم قدرة القاء الكلام على تقدير وجود المخاطب وإرادة القائه. ولا يخفى أنّه لا يستلزم وجود هذا المعنى في الأزل ثبوت شيء هو ما به التكلّم في الأزل ، لأنّه راجع إلى القدرة ؛
وامّا الثاني ـ أعني : العبارات الواقعة في الشريعة ـ فلأنّ المراد : أنّ القرآن المجيد
__________________
(١) كريمة ٢٢ ، البروج.
(٢) كريمة ٤ ، يوسف.