( الفصل السابع )
( في صدقه ـ سبحانه ـ )
قد اتفق أهل الأديان على أنّ الكذب في كلامه ـ تعالى ـ محال ؛ وقد استدلّ المعتزلة على ذلك بوجهين والأشاعرة بوجوه.
امّا الوجهان اللّذان استدلّ بهما المعتزلة :
فاوّلهما هو : أنّ الكذب في الكلام قبيح ، نظرا إلى أنّ الكلام الّذي يتّصف بالصدق والكذب عند المعتزلة من قبيل الأفعال دون الصفات ، لأنّ الكلام عندهم إمّا بمعنى
التكلّم الحقيقي ـ أعني : كون المتكلّم على وجه يمكن منه القاء الكلام اللفظي إلى من يريد تفهيمه ـ ، أو بمعنى ما به التكلّم ـ أعني : الألفاظ المنتظمة الدالّة على المعاني المقصودة ـ ، أو بمعنى الكلام المصدري وهو التكلّم بالفعل ، وهو خلق الألفاظ الدالّة على المعاني المقصودة. ومعلوم أنّ التكلّم الحقيقي الّذي هو من الصفات لا يتّصف بالصدق والكذب ، فالمتصف بالكذب أوّلا وبالذات هو الكلام اللفظي ـ أعني : الألفاظ الدالّة على المعاني المقصودة ـ وثانيا وبالتبع هو التكلّم بالفعل ـ الّذي هو خلق الألفاظ ـ ، فانّ اتصافه بالكذب بتبعية اتصاف الكلام اللفظي به. ولا ريب في أنّ الكذب في تكلّمه ـ تعالى ـ الفعلي ـ وإن كان بالتبع ـ قبيح. ومع قطع النظر عن اتصاف التكلّم الفعلي بالكذب نقول : لا ريب في أنّ اتصاف الكلام اللفظي به وخلق الألفاظ