كلام الله ـ سبحانه ـ فضلا عن صدقه. وقد صرّح اتباع / ٢٢٤ MB / الأشعري بأنّ هذا الدليل هو المعتمد ، لبراءته عن المناقشات ودلالته على الصدق في الكلام النفسي واللفظي معا.
وغير خفيّ بانّه بعد بطلان الكلام النفسي وعدم وقوعه في كلام الأنبياء والحكماء وأساطين العلم لا معنى لتناول اجماعهم لصدقه ، وامّا اجماعهم على صدق كلامه الّذي يجري فيه الصدق والكذب ـ أعني : كلامه اللفظي ـ فلا ريب في تحقّقه.
إلاّ أنّه أورد عليه : بأنّ ما ثبت بدلالة المعجزات ـ لو سلّم دلالتها على تقدير شرعية الحسن والقبح العقليين دون عقليته ، على ما هو رأي الأشعري ـ انّما هو صدقهم بمعنى انّ ما قالوا كلامه ـ تعالى ـ ومن جانبه ـ سبحانه ـ لا من عند أنفسهم ، وامّا إنّه حقّ مطابق للواقع فيتوقّف العلم به على العلم بأنّ الكذب محال على الله ـ تعالى ـ ؛ فحينئذ نقول : اثبات صدق كلام الله ـ تعالى ـ بالاجماع موقوف على حجّية الاجماع وحجّية الاجماع موقوف على العلم بصدق قول النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في الواقع « إنّه لا تجتمع أمّته على الخطاء » ، والعلم بصدق قول النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بمعنى كونه من جانب الله وإن لم يتوقّف على شيء سوى المعجزة ، إلاّ أنّ العلم بصدق قوله في الواقع ـ أي : مطابقته للواقع ، بمعنى أنّ هذا القول الّذي من جانب الله مطابق للواقع ـ يتوقّف على العلم بصدق كلامه ـ تعالى ـ ، لأنّ المعجزة انّما تدلّ على أنّ هذا القول من قبل الله ـ تعالى ـ لا من عند نفس النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولا يدلّ على أنّه مطابق للواقع ، فلا يظهر بالمعجزة إلاّ أنّه كلام الله ـ تعالى ـ لا أنّه مطابق للواقع ؛ فلو كان كلام الله صادقا كان هذا صادقا في الواقع ، وإلاّ فلا. فظهر انّ حجّية الاجماع يتوقّف على صدقه ـ تعالى ـ ، فاثبات الصدق به دور.
وأيضا : إذا جاز كذبه ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ لا يلزم من تصديقه ـ تعالى ـ للنبيّ في نبوّته باظهار المعجزة ثبوته في الواقع ، لأنّه بمنزلة قوله : « هذا صادق في نبوّته » ، وإذا جاز كذبه جاز كذب هذا التصديق ولم يصحّ منه شيء على قاعدتهم ، فلم يثبت نبوّته عادة ، وإذا لم يثبت نبوّته لم يثبت حجّية الإجماع.