مسبوقية الوجود بالعدم ـ. وغرضه من هذا أنّ النقص انّما يتوجّه لو سلّم وفرض أنّ الحدوث عبارة عن الوجود وليس كذلك ، بل هو صفة للوجود بناء على أنّه عبارة عن مسبوقية الوجود بالعدم ـ كما أنّ البقاء صفة للوجود بناء على أنّه عبارة عن استمراره ـ ، وعلى هذا فكون الحدوث زائدا على الوجود كالبقاء لكن صفة له ـ أي : صفة زائدة على الوجود بالحقيقة ـ لا أنّه نفسه ومغايرته له بمجرّد الاعتبار ، لأنّه هو المسبوقية العارضة للوجود. وذلك كما أنّ زيادة البقاء على الوجود أيضا بحسب الحقيقة والذات بناء على أنّ البقاء هو استمرار عارض للوجود لا الوجود على نعت الاستمرار ؛ والفرق بينهما ظاهر.
والحاصل : إنّ البقاء غير الوجود لكن صفة له وليس المراد إنّه زائد على الوجود بحيث يكون أمرا غير مربوط بالوجود حتّى لا يكون صفة للوجود أيضا ، فيرد النقض بالحدوث بانّه يلزم على الدليل المذكور كونه زائدا على الوجود بالمعنى المذكور ـ أي : كونه مغايرا اجنبيا للوجود ـ ، وهو ظاهر البطلان ؛ بل المراد بزيادة البقاء على الوجود كونه مغايرا له بانّه صفة له لا أزيد من ذلك. ولا فساد في جريان هذا في الحدوث أيضا إذ هو أيضا ، صفة للوجود كالبقاء ، فلا يتخلّف الدليل في نفس الأمر في الحدوث ولا نقض على الدليل.
ثمّ الظاهر من كلام السيد الشريف في شرح المواقف إنّ هذا النقض الزامي على الشيخ الأشعري بناء على أنّه قال بعدم زيادة الحدوث على الوجود ؛ وحينئذ لا يفيدان الحلاّن المذكوران ، إلاّ أن يقال : مراد الشيخ الأشعري من عدم الزيادة ليس هو العينية ، بل غرضه منه عدم كون الحدوث / ٢٢٧ DB / شيئا مغايرا اجنبيّا للوجود ، وحينئذ يفيد الحملان ، لأنّ الحدوث إذا كان وجودا خاصّا أو صفة للوجود لا يكون اجنبيا للوجود ، فاذا كان البقاء أيضا كذلك يكون حكمهما واحدا ، فلا نقض. إلاّ أنّ حمل ما ذهب إليه الشيخ الأشعري من عدم الزيادة على عدم المغايرة والاجنبية دون العينية خلاف الظاهر ـ كما لا يخفى ـ.
وربما يدفع النقض المذكور بمنع كون الوجود متحقّقا في الزمان الثاني بدون