الصفات الذاتية الحقيقية ، ولا شكّ انّهما بهذا الاعتبار نفس الوجود الحقيقي الّذي هو نفس ذاته. والحاصل : إنّ معنى عينية الصفات ليس أنّ مفهوم الوجود والعلم والقدرة وغيرها عين الذات ، بل المراد انّ ما يعبّر عنه بتلك المفهومات ـ أعني : ما هو مبدأ هذه المفهومات ومصحّحها ومنشأ انتزاعها ـ يكون عين الذات ، فالوجود الانتزاعي وإن كان زائدا على الذات لكن ما هو مبدأ الوجود الانتزاعي ومنشأها يكون عين الذات ، فاذا كان البقاء عين الوجود الانتزاعي يكون حاله كحاله في أنّ مفهومه أمر اعتباري منشأه ليس صفة زائدة قائمة بالذات ، بل منشأه مجرّد الذات بمعنى أنّ الذات فرد من هذا المفهوم أو نائب مناب الصفة القائمة بالذات المصحّحة لانتزاع هذا المفهوم ، وعلى هذا فيرجع هذا الدليل إلى ما قيل في المشهور في بيان عينية الصفات.
قال بعض الأفاضل : إنّ حمل « الباقي » و « السرمدي » على الواجب ـ جلّ شأنه ـ من قبيل حمل الذاتيات ، لأنّ ذاته ـ تعالى ـ بذاته يكون مصداق حمل الباقي والسرمدي ؛ وقد عرفت فيما سبق أنّ القول بأنّ الصفات الكمالية عين له ـ تعالى ـ ليس المراد منه أنّ مفهوم عالم وقادر مثلا عين ذاته ـ تعالى ، لأنّ المفهومات زائدة على ذاته تعالى ـ ، بل المراد منه انّ المعبّر عنه بهذا المفهوم يكون عين ذاته ، فمفهوم الباقي والسرمدي ومفهوم البقاء والسرمدية أيضا زائدة على ذاته ـ تعالى ـ ، لكن المعبّر عنه بهذا المفهوم عين ذاته ـ تعالى ـ ، انتهى.
ويمكن أن يقال : قد أشار بعض المشاهير إلى حمل الدليل المذكور على ما ذكرناه بقوله : « نعم! ، لو كان المراد بعدم الزيادة عدم الزيادة في الخارج ... » ؛ إلاّ انّا قد أشرنا إلى أنّ ذلك مسامحة ؛ والمراد واضح.
الثاني : إنّ الواجب لو كان باقيا بالبقاء الّذي هو ليس / ٢٢٨ DA / نفس ذاته لما كان واجب الوجود لذاته ، لأنّ ما هو موجود لذاته فهو باق لذاته ـ ضرورة أنّ ما بالذات لا يزول ابدا ـ وإذا فسّر البقاء بصفة يعلّل بها الوجود في الزمان الثاني لكان لزوم المحال أظهر ، لأنّه يؤول إلى أنّ الواجب موجود في الزمان الثاني لأمر سوى ذاته.
واعترض عليه : بأنّ اللازم ليس إلاّ افتقار صفة إلى صفة أخرى نشأت من