الأشياء ؛ أو غير ذاته ، فيلزم أن يكون ما فرض أنّه واجب بالذات غير واجب بالذات ، فاذن يلزم أن يكون نفس الوجود. فلا يكون هناك ماهية ووجود ، بل نفس الوجود فقط ؛ انتهى.
واستدلاله قريب ممّا ذكرناه.
وقال شيخ الإشراق في التلويحات : إنّ الّذي فصل الذهن وجوده عن مهيته فماهيته إن امتنع وجودها لعينه لا يصير شيء منها موجودا ، وإن لم يمتنع وصار شيء منها موجودا فهو كلّي له جزئيات أخرى معقولة غير ممتنعة لذاتها ولماهياتها إلاّ لمانع ، بل ممكنة إلى غير النهاية وقد علمت أنّ كلّ كلّي وقع بعض جزئياته بقي الامكان في جزئيات أخرى معقولة بعد. وإذا كان هذا الواقع واجبا وله ماهية وراء الوجود فاذا أخذت هذه الماهية كلّية أمكن وجود جزئي آخر لها لذاتها ، إذ لو امتنع الوجود لجزئيات معقولة غير واقعة بماهياتها لكان ما فرض واجبا ممتنع الوجود باعتبار مهيته ، لأنّ اقتضاء الماهية لا يختلف بالنسبة إلى افرادها ، وهو محال. غاية ما في الباب أن تمتنع تلك الجزئيات المعقولة بسبب غير نفس الماهية ، فتكون ممكنة في أنفسها. وإذا كانت جزئيات الماهية / ٢٣٠ DA / وراء ما وقع ممكنات باعتبار ماهيتها ولم تكن واجبة لكان الواجب أيضا باعتبار مهيته ممكنا ، لأنّه إذا كان / ٢٢٨ MA / بعض أفراد مهيته ممكنا باعتبار مهيته كانت الافراد الأخر أيضا كذلك ـ لما عرفت من عدم اختلاف الماهية بالنسبة إلى افرادها ـ. وكون الواجب باعتبار مهيته ممكنا محال ؛ فاذن إن كان في الوجود واجب فليس له ماهية وراء الوجود ؛ وهو الوجود الصرف البحت الّذي لا يشوبه شيء من خصوص وعموم (١) ؛ انتهى بادنى توضيح.
وحاصله : أنّه لو كان للواجب ماهية ووجود لكان مهيته كلّية ـ لأنّ الماهية من حيث انّها ماهية تكون كلية ـ ، فاذا كان فرد منها ـ أعني : الواجب ـ موجودا في الخارج لكان افراد آخر معقولة لم تقع ممكنة أو واجبة ، إذ امتناعها يوجب امتناع الواجب أيضا لعدم اختلاف اقتضاء الماهية بالنسبة إلى افرادها ، وامكانها يوجب امكان الواجب أيضا
__________________
(١) راجع : التلويحات ، ص ٣٤.