يشتدّان لمن ثبتا وتحقّقا له. والحاصل انّ المنشأ والمبدأ في علم المجرّد بذاته انّما هو مجرّد ذاته وصرف حقيقته من غير مدخلية لشيء آخر ، من دون لزوم تكثر وتعدّد واختلاف حيثيّات من هذه الجهة.
وربما يورد هنا ايراد ؛ وهو : أنّه لا ريب في أنّ المنشأ في علم المجرّد بذاته إنّما هو ذاته فقط من غير مدخلية لغيره من الصور القائمة أو لشيء منفصل عنه مربوط به يصير علاقة للحضور ، إلاّ انّ العلم لمّا كان هو الانكشاف وقلتم انّ هذا الانكشاف غير ذات المجرّد فان اردتم انّ مفهومه غير ذاته فحينئذ ما ذكرتم من عدم التركيب ممنوع ، إلاّ انّه لا يلزم منه كون الانكشاف الحاصل للمجرّد مغايرا لذاته ، فيلزم أن يكون الانكشاف عين ذاته بمعنى كون ذاته فردا منه ، وهو ممنوع ؛ لانّه لازم ذاته لا عينه ، لانّه لا ريب في تغاير أصل الذات والانكشاف الحاصل له. وكيف يحكم عاقل بأنّ حقيقة المجرّد وذاته هو ظهور غيره له؟! ؛
وإن اردتم انّ ما يصدق عليه مفهوم الانكشاف ـ أي : الظهور الحاصل للمجرّد ـ غير ذاته ، فلا ريب في انّه عرض حاصل له ، فيلزم التركب وكونه محلاّ لهذا العرض.
والجواب عن الايراد المذكور : انّه لا ريب في أنّ الانكشاف أمر عرضي نفس أمري منتزع عن حاقّ ذاته ـ كالوجود العامّ ـ ومع ذلك من العرضيات الّتي منشأ لزيادة التجرّد عن المادّية / ١١٧ DB / والحجب ، ولا ريب في أنّ الأمور الانتزاعية العرضية لا يوجب التكثّر والتركيب في الخارج ، لانّ مغايرتها للذات المنتزعة عنه إنّما هو بالنظر إلى مفهوماتها وتغاير المفهوم للذات لا يوجب تكثّرا / ١٢٢ MB / أو تركّبا. وأمّا مصداقها فليس إلاّ مجرّد الذات ، فانّ مفهوم الوجود ـ أعني : الوجود العامّ ـ مغاير لحقيقة الواجب مثلا ولا يوجب تكثّرا فيه ، ومصداقه انّما هو الذات فقط. والحاصل انّ منشأ الانكشاف ومصداقه في علم المجرّد بذاته انّما هو مجرّد ذاته بمعنى انّ ما يصدق عليه مطلق العلم في الخارج انّما هو مجرّد الذات ، وان كان مفهوم الانكشاف مغايرا له. وليس في الخارج أمر خارجي ينقسم إلى حقيقة المجرّد هو الانكشاف ، بل هو أمر اعتباري نفس أمري منتزع عنه انتزاع الوجود العامّ عن الوجود الخاصّ والفوقية عن السقف. فكما انّ