آخر حتّى يتوقّف على قابل ومقبول ـ كما أنّ قول الخطّ وجعله لا يتوقف على ذلك ـ ، فحقيقة اتصاف المهيات بالوجود لا يتحقّق إلاّ بمعدومية المهيات قبل صيرورتها موجودة ، فقابل الوجود لا يلزم تقدّمه بالوجود على الوجود. وأمّا قابل الوجود وقابل غير الوجود من الأوصاف فيجب تقدّمها بالوجود على الوجود والأوصاف. فقد ظهر أنّ ما يقال : « إنّ الماهية قابلة للوجود » فالمراد انّها قابلة له عند وجودها في العقل فقط ، وفي الخارج ليس قابل ومقبول ؛ فالماهية مع / ٢٣٠ MA / قطع النظر عن وجودها ليست فاعلة لشيء ولا منشئا لأثر أصلا.
وما قيل : « إنّ لوازم الماهية مستندة إلى الماهية من حيث هي من دون مدخلية وجود الماهية » ، فمعناه : إنّ وجود الماهية لا دخل له في لازم الماهية ، لا أنّ الماهية حال كونها منفكّة عن الوجود وعارية عنه تكون علّة تلازمها ، بل وجود / ٢٣٢ DA / الماهية يكون مع العلّة ـ أعني : الماهية بالقياس إلى لازمها ـ. والحاصل : انّ المراد أنّ الماهيّة بعد وجودها علّة للازمها ، فمع قطع النظر عن وجودها ليس لها علّة وتاثير أصلا ؛ هذا.
واعلم! ، أنّه ليس معنى عينية وجود الواجب لذاته انّ لمطلق الوجود الانتزاعي البديهى المعلوم لكلّ أحد حصولا بنفسه في الخارج وهو الواجب ؛ وكذا ليس معنى زيادة وجود الممكن على ذاته أنّ له عروضا انضماميا لماهيات الممكنات وقياما حقيقيا بها في الأعيان ، إذ الوجود المطلق الّذي ليس إلاّ مفهوما اعتباريا لا يصلح أن يكون عين ماهية موجودة في الخارج أو غيرها قائما بها فيه ، بل المراد بعينيّته في الواجب أنّ الواجب ذاته بذاته منشأ انتزاع الوجود المطلق الاعتباري ومناطه ـ أي : هو بحيث إذا حصل في الذهن ينتزع العقل منه هذا المفهوم البديهي الاعتباري ، لا بملاحظة حيثية أخرى أيّ حيثية كانت انضمامية أو ارتباطية ـ ؛ ومعنى زيادته في الممكن أنّ ذاته من حيث هي ليست بحيث إذا حصلت في الذهن ينتزع منها العقل الوجود المطلق الاعتباري ، أو ماهية الممكن من حيث هي لا يلزمها الوجود ، بل انتزاع الوجود منها يتوقّف على ملاحظة حيثية اخرى سوى نفس ذاته ومهيته ـ وهي كون الماهية منتسبة