التشخّص كلاهما في الواجب عين الذات.
ثمّ اعلم! ، أنّ الماهية المعروضة للوجود تكون كلّية كماهية الانسان المعروضة لوجوده ، وتكون جزئية كماهيّة زيد المعروضة لوجوده ؛ وأمّا الماهيّة المعروضة للتشخّص فلا تكون إلاّ كلّية ، فانّ الماهيّة المعروضة لتشخّص الانسان والمعروضة لتشخّص زيد ماهية واحدة كلّية ، لأنّ تشخّص زيد هو بعينه تشخّص الانسان أيضا ، ومعروض التشخّصين واحد. وأمّا معروض وجودهما ليس واحدا وإن كان وجود زيد هو بعينه وجود الانسان أيضا ، لأنّ وجود زيد من حيث أنّه وجود زيد معروضه مجموع ماهية الانسان مع التشخّص ، ومن حيث أنّه وجود انسان معروضه ماهية الانسان بدون التشخّص.
البحث الثاني :
في نفي التركيب الّذي يتصوّر
باعتبار الانقسام إلى الذات والصفات
عنه ـ سبحانه ، أعني : اثبات عينية صفاته الكمالية
لذاته وعدم زيادتها عليه ـ
ونحن قد بيّنا فيما تقدّم ما هو الحقّ في معنى عينية الصفات وقرّرنا ذلك مفصّلا ومشروحا ، فهاهنا نكتفي بذكر بعض البراهين الدالّة على نفي زيادة صفاته على ذاته ـ تعالى ـ. والبراهين على ذلك كثيرة :
فمنها : إنّ وجوب الوجود يدلّ على نفي الصفات الزائدة كما أنّه يدلّ على نفي التركيب مطلقا ، لأنّ الصفات الزائدة إن كانت واجبة لذاتها لزم تعدّد الواجب ، وهو باطل ؛ وإن كانت ممكنة لذاتها فالموجب لها إن كان ذات الواجب لزم أن يكون الواحد قابلا وفاعلا ، وهو باطل ـ على ما مرّ ـ ؛ وإن كان غيره لزم افتقار الواجب إلى غيره.
ومنها : إنّ صفاته ـ سبحانه ـ لو كانت زائدة على ذاته قائمة بها لكانت متأخّرة بالذات عن الذات ـ سواء كانت مستندة إليه سبحانه أو إلى غيره ـ ، فذات الواجب