ممكنا ؛ فكلّ مركّب لا يكون واجب الوجود ، فواجب الوجود يمتنع أن يكون مركّبا.
وفرق هذا الدليل عن سابقه انّما هو بلزوم الامكان فيه من طريق الاحتياج إلى الغير وفي السابق بموجوديته بعد العدم ، وإن كان الاحتياج إلى الغير والموجودية بعد العدم متلازمين ؛ فمآل الدليلين واحد.
ومنها : انّه لو كان الواجب مركّبا من الأجزاء فامّا أن يكون كلّ واحد من تلك الأجزاء واجب الوجود ، أو ممكن الوجود ، أو يكون بعضها واجب الوجود وبعضها ممكن الوجود. والأوّل باطل ، لأنّ كلّ حقيقة تألّف من الأجزاء تألّفا طبيعيا ـ نوعيا كان أو جنسيا ، لا اعتباريا ولا مصنوعيا ، لا بدّ أن يكون بين اجزائه علاقة لزومية وارتباط طبيعي ، إذ لا يتصوّر تركّب حقيقة نوعية أو جنسية من أمور متباينة مستغنية بعضها عن بعض بحسب الوجود ـ وقد تبيّن ذلك في العلم الإلهي ـ ، فالأجزاء الخارجية للطبائع النوعية سواء كانت الاجزاء المادّية لها ـ كاجزاء الماء والنار وغيرهما ، أو الهيولى والصورة لها ـ والأجزاء العقلية لها كاجناسها وفصولها لا بدّ أن تكون بينهما علاقة لزومية وارتباط ايجابي وحينئذ لو تركّب الواجب ـ سبحانه ـ من الأجزاء لزم أن تكون هذه الأجزاء متلازمة ، اذ يكون تركّبه تركّبا طبيعيا حقيقيا لا مصنوعيا أو اعتباريا ؛ إذ الأوّل بديهي البطلان ـ لافتقاره إلى صانع ـ ؛ والثاني يرجع إلى تعدّد واجب الوجود وتحقّق العلاقة اللزومية بين الواجبات باطل ـ إذ يلزم افتقار كلّ واجب إلى الآخر ـ ؛ والاخيران ـ أعني : كون جميع الأجزاء ممكنة أو بعضها ممكنا وبعضها واجبا ـ أيضا باطلان ، للزوم احتياج الواجب في قوام ذاته وتحقّق حقيقته إلى الممكن ولزوم تقدّم الممكن على الواجب بحسب الذات ، وهو محال.
ومنها : انّا قد بيّنا انّ الواجب ـ سبحانه ـ صرف الوجود ، وصرف الوجود لا يمكن أن يكون مركّبا من الاجزاء الخارجية والذهنية ، لأنّه لو كان له اجزاء لكانت تلك الأجزاء غيرها ـ لأنّ الشيء نفسه لا يكون جزء نفسه ـ ، فتلك الأجزاء الّتي هي غير صرف الوجود واجزاء له لا بدّ أن تكون مقدّمة بالوجود في الخارج أو في العقل ـ على ما هي اجزاء له ، أعني : صرف الوجود ـ ، فيلزم تقدّم الشيء على نفسه ؛ وهو