التالي ـ أعني : عدم كون الواجب موجودا يعرضه الوجود ـ باطل ، فكذا المقدّم ـ أعني : تعدّد الواجب ـ.
وإلى ما ذكرناه أشار بعض المشاهير حيث قال : صرف الوجود من حيث هو موجود لا يتوهّم كثرته وتعدّده ، فصرف الوجود موجود باعتبار ذاته ولا يتكثّر من حيث هو موجود ؛ وهو المطلوب ، إذ لا نعنى بوحدة واجب الوجود إلاّ كونه موجودا بدون الكثرة ، ولهذا قيل : إنّ الوحدة في واجب الوجود من لوازم نفي الكثرة وفي غيره نفي / ٢٣٦ DB / الكثرة من لوازم الوحدة ؛ انتهى.
والمراد من قوله : « ولهذا قيل : انّ الوحدة في واجب الوجود ـ ... إلى آخره ـ » الاستشهاد بكلام القوم على أنّ الواجب بمحض ذاته موجود من دون تصوّر الكثرة فيه. ولاقتضائه نفي الكثرة يكون واحدا ، فانّه ـ تعالى شأنه ـ لمّا كان موجودا بمحوضة الوجود والاطلاق من غير أن يكون له ماهية أو ارتباط بالسبب فهو بنفس ذاته بحيث ينتزع منه نفي الكثرة ، وهو مستلزم للوحدة ، فالوحدة في الواجب من لوازم نفي الكثرة ، فانّه ما لم يتحقّق سلب جميع وجوه الكثرة واقسامها لم يتحقّق الوحدة الصرفة الحقّة ، فالوحدة الصرفة الحقّة من لوازم سلب الكثرة. وأمّا الممكن لمّا لم يكن موجودا بصرافة الوجود واطلاقه بل بالماهية المشخّصة المرتبطة بالجاعل التامّ فهو بحسب مهيته يحتمل الكثرة ، لأنّ له جنسا وفصلا ولكن بحسب الجاعل يكون واحدا موجودا ، فوحدته ليست من لوازم نفي الكثرة ، بل نفي الكثرة من لوازم وحدته الحاصلة من الجاعل.
ثمّ اعترض على هذا الدليل بانّه انّما يتمّ لو كان معنى عينية الوجود في الواجب كونه عين معنى الوجود ـ لأنّ عين الوجود ومحضه لا يتكثّر ـ ، و/ ٢٣٤ MB / أمّا على التحقيق الصحيح في معنى العينية من كون الواجب لمحض ذاته موجودا فلا يتمّ ذلك الدليل ، لورود الشبهة بانه ربما كان ذاتان أو اكثر كذا ـ أي : كون الجميع لمحض ذاته موجودا ـ ؛ انتهى.
وفيه : انّا بيّنا بالبراهين القاطعة أنّ الواجب صرف الوجود وعينه ، فالاعتراض