مندفع.
ومنها : إنّه لا يمكن تعدّد الواجب بالذات ، إذ حقيقته محض الوجود من حيث هو وجود وكلّ شيء حقيقته محض الوجود يكون متشخّصا بنفس حقيقته ، إذ لا يمكن أن يكون تشخّص حقيقة الوجود بشيء آخر ، وإلاّ لزم الاحتياج المنافي للوجوب.
ومنها : إنّ الواجب ـ كما علم ـ صرف الوجود ومحض الموجود ، ولا يتصوّر في محوضة المعنى الواحد التعدّد ـ لتساوي محض الشيء بالنسبة إلى مراتب الأعداد الّتي فوق الواحد ـ. والحاصل : إنّ الواجب ـ سبحانه ـ يجب أن يكون موجودا بمحوضة الوجود في الخارج ، ونسبة محض الشيء إلى المراتب الكثيرة الّتي فوق الواحد في أن يوجد متساوية ، فلو كان الواجب متعدّدا فوجوده في مرتبة من مراتب الأعداد الّتي فوق الواحد دون سائر المراتب يوجب الترجيح بلا مرجّح.
والفرق بين هذا الدليل والّذي قبله : إنّه أخذ في هذا الدليل تساوي مراتب الاعداد إلى الواحد الصرف وجعل ذلك برهانا على عدم التعدّد في محوضة المعنى الواحد ؛ وفي الدليل السابق لم يؤخذ ذلك ، بل ثبت عدم التعدّد في صرف الوجود من طريق آخر ـ كما ذكرناه ـ.
وإلى هذا الدليل اشار بعض المشاهير حيث قال : حقيقة وجوب الوجود الّذي هو محض الوجود يجب أن يكون لصرافته ومحوضته موجودا ، ولا يتصوّر في محوضة المعنى الواحد التعدّد ـ لتساوي مراتب الاعداد فوق الواحد ـ ؛ فواجب الوجود موجود واحد لا شريك له في محوضة الوجود ، ووجوب الوجود ووحدته عبارة عن وجوده بلا شريك أو نظير ؛ انتهى.
وقوله : « وحدته عبارة ـ ... إلى آخره ـ » اشارة إلى دفع ما ربما يقال : إنّه يلزم على هذا الدليل أن يكون حقيقة وجوب الوجود مقتضية للوحدة ، وهذا غير موافق للتحقيق ، لأنّ المذهب الحقّ أنّ وحدة الواجب ـ تعالى ـ ووجوده وسائر صفاته الكمالية عين ذاته وليس ذات الواجب شيئا مغايرا مقتضيا لوحدته ، ووجوده وسائر صفاته الكمالية ؛