وحاصل الدفع : إنّ المراد من اقتضاء الوحدة هو أنّه موجود بلا شريك ، لا أنّه يقتضي الوحدة أو غيرها.
واعترض على هذا الدليل : باحتمال وجود صرف الوجود في جميع المراتب بأن يكون وجود محوضة المعنى في جميع مراتب الاعداد الّتي فوق الواحد معنى يكون الواجب غير متناهي الافراد ، وعدم التناهي هنا لا يمكن ابطاله بأدلّة بطلان التسلسل ـ لعدم وقوع الترتيب بين الافراد ـ.
والجواب عنه : أمّا أوّلا إنّ وجود محوضة المعنى الواحد في جميع المراتب يوجب الترجيح بلا مرجّح أيضا ، لأنّ وقوعه في جميع المراتب مع امكان وجوده في سائر المراتب الّتي فوق الواحد تحكّم بحت وترجيح من غير مرجّح ؛
وامّا ثانيا : إنّا بيّنا بطلان عدم التناهي في الأمور الموجودة وإن لم يقع الترتيب بينها ؛ هذا.
والأكثر جعلوا هذا البرهان / ٢٣٧ DA / برهانين مستقلّين ، فانّهم جعلوا ما ذكر أوّلا من عدم تصوّر التعدّد في محوضة المعنى الواحد برهانا وجعلوا ما ذكروا ثانيا ـ أعني : تساوي نسبته إلى المراتب الّتي فوق الواحد ـ برهانا آخر. بيان الأوّل : انّه قد ثبت أنّ واجب الوجود يجب أن يكون صرف وجوب الوجود ، يعنى يكون واجب الوجود عين وجوب الوجود فقط لا وجوب الوجود مع أمر آخر ، فاذا كان الواجب صرف وجوب الوجود فلم يتصوّر التعدّد ، لأنّ كلّ معنى من المعاني باعتبار صرافته ومرتبة محوضته لا يتصوّر فيه تكثّر أصلا ، ولا خصوصية لهذا الحكم بوجوب الوجود ، فانّ الانسان أيضا باعتبار صرافته ومحوضته لا يتصوّر فيه تكثّر ، فاذا كان الأمر كذلك فلا يتصوّر تعدّد الواجب. وبهذا القدر يتمّ البرهان ولا يحتاج إلى ضمّ شيء آخر. وهذا البرهان قريب من سابقه.
وبيان الثاني : إنّ الحقائق إمّا مادّية يكون لها امكان استعدادي ؛ أو مجرّدة ، والحقائق المجرّدة يجب أن يكون كلّ منها منحصرا في الفرد ـ لأنّ مراتب الاعداد فوق الواحد متساوية بالنسبة إليه ـ ، فثبوت بعض من تلك المراتب دون بعض آخر ترجيح