عندي ، فانّ الوجود الحقيقي الّذي باعتباره تكون الموجودات متحقّقة هو شمس عالم العقول والنفوس ، بل نور السموات والارض ؛ وهو في غاية الظهور وبه ظهور كلّ شيء وادراك كلّ ذي ادراك ، وكذلك وحدته بحسب الحقيقة ظاهر عند كلّ من له وجدان صحيح ؛ انتهى.
وقال بعض أعاظم العرفاء : إنّ البراهين الدالّة على وحدة الواجب عندي كثيرة ، لكن تتميم جميعها متوقّف على أنّ حقيقة واجب الوجود بالذات هو الوجود البحت القائم بذاته وأنّ ما يعرضه الوجوب بالتبع فهو في / ٢٣٦ MA / حدّ ذاته ممكن ووجوبه ـ كوجوده ـ انّما يستفاد من الغير ، فلا يكون واجبا. وهذه المقدّمة ممّا انساق إليه البرهان وصرّح به في كتب الفن ـ كالشفاء وغيره ـ.
وستعلم أنّ بعض براهين اثبات التوحيد لا يتوقّف على تسليم كون صرف الوجود واحدا.
ثمّ لا يخفى إنّ البراهين المذكورة تامّة على اثبات وحدة الواجب. ولا يرد على تلك البراهين شبهة ابن كمونة أصلا ، لأنّ حاصل هذه الشبهة : إنّ معنى واجب الوجود ومعنى كون الوجود عين الذات هو أن يكون الذات بمحض الذات من دون اعتبار شيء خارج معها منشئا لانتزاع الوجود منها ، والحكم بانّها موجودة بخلاف الممكن ، فانّه ما لم يعتبر معه علّته لم يصحّ ذلك. وليس معنى وجوب الوجود وعينية الوجود أن يكون الوجود متحقّقا في الخارج ويكون عين الذات ، ولا أن يكون مفهوم الوجود الّذي لا يحصل إلاّ في الذهن عين الحقيقة الخارجية ، وانّكم تجوّزون أن يكون مفهوم الوجود مشتركا بينه ـ تعالى ـ وبين غيره وأن يكون معنى واحد لازما لحقائق مختلفة ، فحينئذ لم لا يجوز أن يكون حقيقتان مختلفتان بتمام الماهية ويكون كلّ واحدة منهما بذاتها منشئا لانتزاع الوجود منها ويكون وجوب الوجود عرضيا لازما مشتركا بينهما ومنتزعا من ذات كلّ واحدة منها بنفس ذاتها ـ كمفهوم نفس الوجود ـ ولا يتحقّق بينهما ما به اشتراك ذاتي حتّى يلزم التركيب في ذاتهما من جنس وفصل أو احتياجهما في التشخّص إلى أمر خارج عن ذاتهما. ولا ريب في أنّ مبنى هذه الشبهة على كون