افراده الممتازة بالكمال والنقص مشتركة في أمر ذاتي ، فيكون افراد الوجود العامّ الذهنية مشتركة في أمر ذاتي. وإذا كان مشتركا في أمر ذاتي فيجب أن يستند ذلك الأمر المشترك ـ لعرضيته بالنسبة إلى الوجود الواجبي والوجودات الامكانية ـ إلى أمر مشترك ذاتي بينهما ، وعلى هذا فيلزم أن يكون الامتياز بين الوجود الخاصّ للواجب والوجودات / ٢٣٩ DB / الخاصة الممكنة بنفس الكمال والنقص مع اشتراكهما في أمر ذاتي مشترك. وحينئذ إن كان نفس الكمالية والنقص شيئا على حدة أو كان بينهما ما به الامتياز يلزم التركب في وجود الواجب ، وإن لم يتحقّق ما به الامتياز أصلا لزم اتحاد وجود الواجب والممكن.
ويمكن أن يقال : لا مانع من اشتراك الوجود الخاصّ الواجبي مع الوجودات الخاصّة الامكانية مع امتياز الوجود الواجبى بالكمال الّذي هو فوق التمام ، فانّ الوجودات تترتّب وتتصاعد كمالا إلى أن ينتهى إلى ما هو أكمل ولا يتصوّر أكمل منه ويكون فوق التمام ، وهو الوجود الصرف القائم بنفسه والامتياز بنفس الكمالية والنقصان مع الاشتراك في ذاتي لا يوجب تركّبا ولا نقصا ولا اتحاد وجود الواجب مع وجود الممكنات ، لأنّ الأكملية التامّة والأتمية الكاملة المترتّبة على محوضة الوجود والقيام بالذات من دون افتقار إلى علّة خارجة كافية للامتياز التامّ وحصول الاثنينية ، فلا يتحقّق اتحاد بوجه ؛ وحينئذ فيجوز أن يكون مفهوم الوجود منتزعا عن وجود الواجب والممكنات ومشتركا معنويا بين الجميع مع امتياز افراده الذهنية بالكمال والنقص كالوجودات الخاصّة بعينها من دون فرق.
والاظهر أن يقال في الجواب : إنّ المفهوم الواحد لا يجوز أن ينتزع من الامور المتخالفة المتباينة بانفسها إذا لم تكن تلك الأمور مشتملة على أمر واحد مشترك أو لم تكن تلك الأمور مرتبطة ومنتسبة إلى واحد حقيقي ، والوجود العامّ وإن كان معنى واحدا منتزعا عن الأشياء المتخالفة بانفسها ـ أعني : الواجب والوجودات الخاصة الامكانية المتخالفة بانفسها ـ إلاّ أنّ جميعها لمّا كانت مرتبطة منتسبة إلى الواجب معلولة له ومترشّحة عنه فلا مانع من انتزاعه مع وحدته عن الواجب وعن الوجودات المترشّحة