والثاني ـ أعني : كونه نوعا ـ أيضا باطل ، لأنّه لو كان نوعا لكان له تشخّص خارج عنه ، والخارج عن حقيقة وجوب الوجود إمّا ممكن أو ممتنع ، وشيء منهما لا يصلح أن يكون الامتياز ، فيكون كلّ منهما مركبا من حقيقة وجوب الوجود ومن غيرها فيلزم أن لا يكون فصلا ـ لأنّ الفصل يكون مميزا اذا كان ما بين الواجبين مشترك ذاتي ـ ، فيكون كلّ منهما مركّبا من حقيقة وجوب الوجود ومن غيرها ، فليزم أن لا يكون ما فرض واجبا بالذات بتمامه ، بل ببعضه ، فيلزم خلاف الفرض. وهذه المفسدة آتية على تقدير كون حقيقة وجوب الوجود جنسا أو نوعا أيضا ، لانّها إذا كانت جنسا أو نوعا لكان فردها النوعي أو الشخصي مركّبا من الجنس وغيره ، أو من النوع وغيره ، وذلك الغير يكون ممكنا لا ممتنعا ، فيلزم أن لا يكون الواجب واجبا بتمامه ، بل ببعضه ؛ فظهر أنّ مفهوم وجوب الوجود يجب أن يكون بإزاء الذات والهوية جميعا والمفهوم الّذي بإزاء ذات الشيء وهويته جميعا يمتنع أن يتصوّر له فردان فضلا عن جواز وقوعهما ـ وإلاّ لزم أن يكون الشخص كلّيا ـ. ونعم ما قيل : إنّه كما أنّ تعدّد الواجب بالذات ممتنع كذلك تصوّر التعدّد في وجوب الوجود ممتنع.
ثمّ لا يخفى بانّه بعد اثبات أنّ وجوب الوجود لا يمكن أن يكون عرضيا بين الواجبين بل لو اشترك بينهما لكان ذاتيا يمكن أن يقال في تتميم البرهان : إنّه يلزم حينئذ التركيب لاحتياجهما إلى ما به الامتياز ، إلاّ أنّ هذا طريق آخر سوى ما نقلناه عن بعض الأذكياء.
ومنها : ما ذكره الشيخ في الشفا ، وهو : إنّ وجوب الوجود إذا كان صفة لشيء وموجودا له فامّا أن يعيّن وجوب الوجود على سبيل الوجوب كونه صفة لهذا الشيء ، فلا يوجد في غيره ؛ وإمّا أن يكون كونه صفة لهذا الشيء المعيّن معلّلا بأمر غير وجوب الوجود ، فيكون ممكنا. ثمّ قال : وبعبارة أخرى نقول : إنّ كون الواحد واجب الوجود وكونه هو إمّا أن يكون واحدا ، فيكون كلّ ما هو واجب الوجود ، فهو هذا الواحد بعينه ولا يكون غيره واجبا ، لأنّه لمّا كان وجوب الوجود بمعنى واحدا فاذا كان التعيّن والهوية عند ذلك المعنى فلا يتصوّر أن يكون لذلك المعنى شخصان وإلاّ يلزم أن يكون