ومنها : برهان أورده بعض الأعاظم وهو يتوقّف على تمهيد مقدّمة ، هي : أنّ مصداق حمل مفهوم واحد ومطابق صدقه بالذات مع قطع النظر عن أيّة حيثية كانت لا يمكن أن تكون حقائق متخالفة متباينة بالذات غير مشتركة في ذاتي أصلا ، وظنّي انّ كلّ سليم الفطرة يحكم بأنّ الأمور المتخالفة من حيث كونه متخالفة بلا حيثية جامعة لا تكون مصداقا لحكم واحد ومحكيا عنها به. نعم! ، يجوز ذلك إذا كانت الأمور متماثلة من جهة كونها متماثلة ـ كالحكم على زيد وعمرو بالانسانية من جهة اشتراكهما في تمام الماهية لا من حيث اختلافهما بالعوارض المشخّصة ـ ، أو كانت مشتركة في ذاتى من جهة كونها كذلك ـ كالحكم على الانسان والفرس بالحيوانية من جهة اشتمالها عليها ـ ، أو في عرضي ـ كالحكم على الثلج والعاج بالابيضية من جهة / ٢٤٢ MB / اتصافهما معا بالبياض ـ ؛ أو كانت تلك الامور المتباينة منتسبة إلى أمر واحد ـ كالحكم على مقولة الممكنات بالوجود من حيث انتسابها إلى الوجود الحقّ ـ تعالى ـ ، أو كانت متّفقة في أمر سلبي كالحكم عليها بالامكان لأجل كونها مسلوبة عنها ضرورة الوجود وامّا ما سوى تلك الوجوه المذكورة فلا يتصوّر فيها ذلك ضرورة.
وبعد تمهيد هذه المقدّمة نقول : لو تعدّد مفهوم الواجب بالذات لكان كلّ واحد منهما من حيث ذاته بذاته ممّا ينتزع مفهوم الوجود والوجوب عنه ويحكم بالموجودية / ٢٤٥ DA / والواجبية عليه ، فلا بدّ أن يتحقّق بينهما أمر مشترك ذاتي ـ سواء كان عين حقيقتهما أو جزء منهما ـ ؛ وكلّ واحد منهما باطل.
وهذا قريب من البرهان المشهور ، ولكنّه قد قرّر بوجه لا ترد عليه الشبهة الكمونية.
وقد قرّره بعض المحقّقين بوجه أوضح ؛ وحاصله : إنّ الواجب لو كان متعدّدا فتجب لها جهة جامعة ذاتية حتّى يستند إليها معنى العرضي المشترك بينهما ـ أعني : الوجوب ـ وإلاّ يلزم توارد العلّتين المستقلّتين على معلول واحد ، وهو باطل عند التحقيق. والاشتراك في الجهة الجامعة الذاتية يستلزم الجهة المميزة ـ أعني : التعيّن ـ وما يجري مجراه ـ أعني : الفصول ـ إن كان المشترك فيه جنسا. فبعد تحقّق الجهة المشتركة والمميزة يلزم