( الفصل الرابع )
( في اثبات عدم كونه محلاّ للحوادث )
اعلم! ، أنّ كافّة العقلاء اتّفقوا على أنّ الواجب يمتنع أن يتصف بالحادث ـ أي : الموجود بعد العدم ـ ؛ وخالف في ذلك الكرامية حيث قالوا بحلول الكلام فيه ـ سبحانه ـ ، وهو حادث.
ويدلّ على نفي محلّيته للحوادث وجوه :
منها : إنّ الاتصاف بالحادث الّذي يتصف به ـ سبحانه ـ إن كان من صفات الكمال كان الخلوّ عنه مع جواز الاتصاف به نقصا ، وقد خلا عنه ـ سبحانه ـ قبل حدوثه ؛ وإن لم يكن من صفات الكمال امتنع اتصاف الواجب به ، لأنّ كلّ ما لم يتّصف به يلزم أن يكون من صفات الكمال.
واعترض عليه : بمنع كون الخلوّ عن صفة الكمال نقصا على الاطلاق ، لأنّ لزوم النقص مسلّم إذا لم يكن حال الخلوّ متصفا بكمال يكون زواله شرطا لحدوث هذا الكمال ، وذلك بأن يتصف دائما بنوع كمال يتعاقب افراده لا إلى نهاية ويكون حصول كلّ لاحق مشروطا بزوال السابق ؛ فالخلوّ عن كلّ فرد يكون شرطا لحصول كمال آخر ، بل لاستمرار كمالات غير متناهية ، فلا يكون نقصا.
والجواب عنه : إنّه يلزم حينئذ أن لا يخلوا ذات الواجب عن الحوادث دائما ،