أفعاله ـ. بل إن كان الفاعل / ١١١MA / ممّن جاز عليه الغفلة ـ لكون علمه زائدا على ذاته ـ لتأتي عليه الغفلة في العلم بالأفعال أيضا ، كما يغفل عن كون الافعال افعالا له ؛ وإن لم يجز عليه الغفلة ـ لعدم افتقاره في التعقّل إلى أمر زائد على ذاته ـ لم يتأتّ عليه الغفلة في شيء منهما. وما نحن فيه من قبيل الثاني ، لأنّ الواجب لا يحتاج في تعقّله إلى أمر زائد عن ذاته ، فلا يجوز له الغفلة في شيء منهما. ولا يصحّ اثبات احد العلمين له دون الآخر في جميع الاوقات ، لأنّ ما يقتضي العلم بالأفعال يقتضي العلم بكون الأفعال افعالا له أيضا ، لانّ المقتضي للعلم بالافعال هو الذات ونسبتها إلى العلمين على السواء ؛ ولا مرجّح للاقتضاء الأوّل دون الثاني ، فالتخصيص تحكّم باطل!.
فظهر انّ غفلة الواجب ـ تعالى ـ عن ذاته وعدم التفاته إليها في بعض الاوقات باطل ، وجهله بها دائما مع علمه بافعاله أيضا باطل.
وبذلك يظهر انّ كلّ واحد من الوجه الأوّل ـ الّذي ذكرناه في استلزام علمه تعالى بالأفعال لعلمه بذاته وذكرناه أيضا انّه ممّا وافقه الفلاسفة ـ ، والوجه الثاني ـ الّذي نقلناه عن بعض المحقّقين ـ صحيح لا غبار عليه.
على انّه يمكن أن يقال في تصحيح الوجه الّذي نقلناه عن بعض المحقّقين : انّه إذا ثبت امكان العلم للواجب ـ تعالى ـ بذاته لزم فعلية علمه ـ تعالى ـ به ، لما مرّ من انّه ليس له ـ تعالى ـ كمال بالقوّة ، بل كلّما يجوز له يكون حاصلا له بالفعل ؛ إلاّ انّه يرجع إلى الدليل الأوّل.
وقال بعض الفضلاء : الأولى أن يدّعى البداهة في أنّ كلّ من علم الغير يعلم ذاته ، لا سيّما إذا كان عالما بلطائف الأفعال ؛ هذا.
واعترض على الدليل المذكور بوجهين :
أحدهما : انّه إن اريد « بانتظام الأشياء وإحكامها » : انتظامها وإتقانها من كلّ وجه بمعنى انّ هذه الآثار مترتّبة ترتيبا لا خلل فيه أصلا وملائمة للمنافع والمصالح المطلوبة منها بحيث لا يتصوّر ما هو أوفق منه وأصلح ، فظاهر انّه ليست كذلك ، بل الدنيا طافحة / ١٠٦ DA / بالشرور والآفات ويشاهد في العالم اشياء لا تدرى لها منفعة ،