اللهم إلاّ بوجه من الوجوه ـ ككونه واجب الوجود بحسب المفهوم العامّ ـ.
وأنت خبير بانّه إذا لم يعقل الوجود الخارجي للجواهر المجرّدة فمن أين يحكم بأنّ وجودها عين عالميتها بذواتها مع انّ العالمية بمعنى الانكشاف أمر معقول لنا؟ ؛ فكيف يحكم باتحاد ما يعقل مع ما لا يعقل أصلا؟. فالمراد بوجودها الّذي حكم بعينيته لعالميتها ان كان هو الوجود العامّ فالحكم بعدم كونه معقولا ممنوع ، إذ هو معقول. مع أنّ تعقّله لا يوجب تعقّل عالميتها لبداهة تغايرهما ؛
وإن كان هو وجودها الخاصّ الّذي هو عين الذات في الواجب وغيره في غيره فان كان ممكن التعقّل فاعتراض الامام وارد ، وإلاّ فالحكم بالعينية ولو بالدليل والبرهان باطل. وهذا ممّا يدلّ على حقّية ما اخترناه وبطلان ما ذهبوا إليه في العينية ، لانّه معلوم بالضرورة انّ الوجود العامّ ليس عين الانكشاف ولا عين غيره من الصفات بمعنى كونه فردا لها والوجود الخاصّ الّذي هو منشأ انتزاع العامّ إن كان حقيقته ما هو المعقول لنا ، فهو ليس عين شيء من الصفات وإن كان حقيقته غير ما هو المعقول لنا ، بل كانت مجهولة الكنه ؛ فلا معنى للحكم بالعينية والاتحاد ؛
وإن اريد بالاتحاد اتحاد المبدأ في الكلّ فهو الحقّ المنصور الّذي اخترناه.
ثمّ ما ذكره من أنّ في كون الشيء عالما بنفسه لا يكون موضوع العالمية مغايرا لموضوع المعلومية بمعنى انّ حيثية عالميته ليست مغايرة لحيثية معلوميته وإلاّ لزم تكثّر الحيثيات التقديرية في ذاته ـ تعالى ـ إن اراد : انّ العالم فيه بعينه هو المعلوم من غير تحقّق صورة زائدة في ذاته وأنّ عالمية الذات ـ أي : كونها بحيث منكشفة ذاتها عندها ـ هي بعينها معلوميتها ـ أي : كونها بحيث منكشفة عند ذاتها ـ فهو حق ، وصريح كلام الشيخ أيضا ذلك حيث قال : « فالذات واحدة والاعتبار واحد » ؛
وإن اراد : انّ العالمية ـ أعني : الانكشاف ـ نفس الذات وعينها وليس أمرا اعتباريا منتزعا عنه ، بل اعتبار العالمية والمعلومية هو بعينه اعتبار تحقّق الذات حتّى يكون العالمية ـ أعني : الانكشاف ـ عين الذات المحصّلة في الخارج ، فهو ممنوع ، وكلام الشيخ أيضا يدلّ على خلاف ذلك ؛ فانّ قوله : « فالذات واحدة والاعتبار واحد » يدلّ على أنّ