منها : انّا لا نسلّم انّ كلّ مجرّد يصحّ أن يكون معقولا ، لم لا يجوز أن تكون خصوصية ذات بعض المجرّدات مانعة من أن يعقل كما صرّحوا بأنّ كنه ذاته ـ تعالى ـ يمتنع ان يكون معقولا لغيره؟! ، فيجوز أن يكون بعض المجرّدات بحيث يمتنع أن يكون معقولا لغيره مطلقا.
ومنها : انّ تقدم المقارنة المطلقة على المقارنة الخاصّة ـ أعني : المقارنة في العقل ـ انّما يتمّ إذا كانت المقارنة / ١٢١ DA / المطلقة ذاتية لها ، وهو غير ممنوع.
ومنها : ـ وهو العمدة ـ : انّا نسلّم انّ كلّ مجرّد يصحّ أن يكون مقارنا لغيره في التعقّل ولكنّا لا نسلّم انّ ذلك يوجب صحّة مقارنته له في الخارج. وما قيل في بيان استلزام صحّة المقارنة في العقل لصحّة المقارنة في الخارج ظاهر الفساد ، لأنّ حاصل البيان : انّه إذا ثبت صحّة المقارنة في العقل يكون ذلك كاشفا عن صحّة المقارنة المطلقة ، وهي لتقدّمها على المقارنة الخاصّة ـ بالبيان المذكور ـ لا يتوقّف عليها حتّى يلزم أن يكون تحقّقها منحصرا بحصولها في ضمنها ، فيصحّ تحقّقها لا في ضمنها أيضا ، فاذا وجد المجرّد في الخارج يصحّ مقارنته بالمقارنة المطلقة لغيره ، واقسامها منحصرة بالثلاثة المذكورة ، ويمتنع اثنان منها ، فتعيّن الثالث ـ وهو أن يكون الغير حالاّ فيه ـ.
ويرد عليه : انّ القدر المسلّم انّ صحّة المقارنة في العقل انّما يكشف عن صحّة المقارنة المطلقة الحاصلة في ضمن / ١٢٦ MA / هذه المقارنة الخاصّة لا الحاصلة في ضمن مقارنة خاصّة أخرى ، فيجوز أن يصحّ لذات المجرّد المقارنة المطلقة في ضمن هذا الخاصّ فقط ـ أعني : المقارنة في العقل ـ ، لا لانّ صحّة المقارنة المطلقة موقوفة على هذه المقارنة الخاصّة حتّى لا يجوز حصولها في ضمن مقارنة خاصّة اخرى ويقال حينئذ انّه خلاف الواقع ، بل لانّ ذات المجرّد يجب أن لا تقبل الاّ هذه المقارنة الخاصّة ـ أعني : المقارنة في العقل ـ ، فالمقارنة المطلقة هنا انّما توجد في ضمن هذه المقارنة الخاصّة فقط وان وجدت في مواضع أخر في ضمن المقارنات الخاصّة الأخر.
ثمّ على ما ذكرنا ـ وعلى ما ذكره بهمنيار وغيره أيضا ـ فلا ريب في أنّ المنشأ للتعقّل هو التجرّد بشرط كون المجرّد موجودا بالفعل قائما بذاته ، فبالتجرّد تخرج الصور الجمادية