أصلا ـ لا قويا ولا ضعيفا ـ وانّما تصير موجودة بالوجود الّذي يليق به بعد ضمّ الصورة ؛ ويرشدك الى ذلك قول الشيخ في التعليقات : « الهيولى معدومة بالذات موجودة بالعرض ».
على أنّا نقول : انّ المنشأ للتعقّل انّما هو الوجود بالفعل المجرّد عن المادّية ونفس المادّة ليست مجرّدة عنها.
والجواب عن الشبهة الثانية : انّ الهيولى بعد ضمّ الصورة لو كانت / ١٢٢ DB / موجودة بالفعل ولم تكن هي والصورة موجودتين بوجود واحد ـ كما هو رأي جماعة ـ فلا ريب في أنها حينئذ ليست مجرّدة عن المادّية وعلائقها من الوضع وغيره ، وقد ذكرنا انّ المنشأ للتعقّل انما هو الموجود المجرّد عن المادية وعلائقها.
وقيل في الجواب عنها أيضا : انّ الظاهر من كلماتهم انّ الهيولى لمّا اعتبر في جوهرها القوّة والاستعداد فحقيقتها انّها جوهر مستعدّ لكلّ شيء ، فهي في ذاتها لا تقبل الظهور والانكشاف ، فلهذا لا تصير عالمة بذاتها وان صارت بعد ضمّ الصورة موجودة بالفعل ، فكانّه اعتبر في كون شيء عالما بنفسه أن يكون في ذاته ـ مع قطع النظر عن جميع ما عداه ـ / ١٢٧ MB / شيئا معينا لا يخالطه قوّة واستعداد ، بل يكون موجودا بالفعل ومتعيّنا بالتعيّن الحاصل له بالفعل قائما بذاته غير قائم بأمر آخر ؛ والهيولى ليست كذلك ، لأنّها ليست أمرا موجودا بالفعل متعيّنا بالتعيّن الحاصل في حدّ ذاته من دون اعتبار الصورة الجاعلة ايّاها بالفعل ، فانّ حقيقتها ليست إلاّ شيء ما وأمر ما مستعدّ للصورة والشيء لا يصير لمجرّد كونه شيئا ما أو أمرا ما مع عمومه وابهامه موجودا بالفعل ما لم يتحصّل بنحو من التحصّل. وعلى هذا فتكون الهيولى من الموجودات الضعيفة الّتي تكون فعليتها قوّة ووجودها نفس كونها مستعدّة وتحصّلها عين القوّة والاستعداد فهي بحسب ضعف الوجود مثل معنى الجنس إلاّ انّ الهيولى شخص بهذه الصفة من القوّة والابهام وعدم التحصّل والفعلية ولا تحصّل إلاّ بالصور ، والجنس معنى مبهم غير محصّل وتحصيله بالفصول. وليست محض العدم حتّى يرد أنّ الهيولى إذا كانت محض القوّة الّتي هي العدم كيف يكون جزء خارجيا للجسم ـ كما هو عند المشائين ـ. قال الشيخ في الشفاء : « جوهر الهيولى وفعليتها عين كونها مستعدّة لكذا والجوهرية الّتي لها ليست تجعلها