ثمّ انّه قيل : قد ظهر هنا من كلام الشيخ انّ حقيقة الهيولى هي القوّة والاستعداد ، وهو مناف لمّا حققه في رسالة الهيولى من أنّ لها وحدة شخصية محفوظة مع تبدّل الصور ؛
واجيب عنه : بأنّ كون حقيقتها محض القوّة والاستعداد لا ينافي لأن تحصل لها وحدة شخصية بعد ضمّ الصورة ؛ وأمّا أنّه كيف يمكن بقاء تلك الوحدة مع تبدل الصورة الّتي هي علّة لها فليس هاهنا موضع تحقيقه.
وأيضا : لو جوّز تحقّق الشخص بدون الوجود فيمكن أن يقال : انّ كون حقيقتها القوّة لا ينافي / ١٢٣ DA / الوحدة الشخصية ، إذ يمكن أن يكون معنى شخصيّا يستعدّ لكلّ صورة ويبقى بحاله مع كلّ منها ؛ انتهى.
وأنت تعلم انّ تحقّق الشخص بدون الوجود أمر بديهي البطلان! ، لأنّ التشخّص إمّا نحو الوجود أو ما يلزمه ، والهيولى مع قطع النظر عن الصورة لا وجود لها ، فكون الهيولى معنى شخصيّا بدون الوجود يستعدّ لكلّ صورة ويبقى بحاله مع تبدّل الصور أمر غير معقول. فالمسلّم تحقّق الوحدة الشخصية لها بعد ضمّ الصورة إليها ، ومع زوالها يزول هذا التشخّص. وإذا انضمت إليها صورة أخرى يحصل لها تشخّص آخر ، فقول الشيخ في رسالة الهيولى : « انّ لها وحدة شخصية محفوظة مع تبدّل الصور » غير مسلّمة.
وقد تلخّص ممّا ذكر انّ منشأ العالمية ومصحّحه ليس الاّ الموجود بالفعل القائم بذاته من / ١٢٨ AM / غير أن يوجد فيه شائبة من القوة ، فيخرج الهيولى والهيولانيات عن العالمية لكونها منضمّة للقوّة ، فينحصر منشئية العالمية بالواجب والجواهر المجرّدة القائمة بذاتها وعين العقول والنفوس. فالموجود بالفعل القائم بذاته من الممكنات ليس إلاّ العقول أو النفوس ، فالعالم منها منحصر بهما.
فان قيل : إذا لم تكن المادّة والمادّيات موجودة بالفعل فكما لا يصحّ أن تكون عالمة لم يصحّ أن تكون معلومة ، لانّ العلم لمّا كان عبارة عن وجود المعلوم للعالم بمعنى عدم غيبته عنه أو لازما له وعلى التقديرين يجب أن يكون المعلوم موجودا بالفعل حتّى يمكن وجوده لغيره ليعقله ؛
قلت : ليس موجودا بالفعل بل متضمّنا للقوة يمكن أن يحصل وجوده للغير ، فانّه