فيلزم أن يكون المعلول اشرف من العلّة ، وهو باطل فيما فوق الكون ، أي : في غير الممكنات الكائنة الفاسدة ، أعني : الممكنات الثابتة المستمرّة الوجود ـ ، أو يصدر عنه بلا واسطة الأخسّ ، فيلزم جواز صدور الكثرة عن الواحد ـ بناء على أنّ الفرض وجود الأخسّ بلا واسطة الأشرف ، فاذا فرض وجود الاشرف أيضا بلا واسطة شيء يلزم جواز صدور الكثرة عن الواحد الحقّ ، وهو محال ـ.
وإذا ثبت ذلك نقول : لا يمكن أن يوجد نظام فوق هذا النظام ، لأنّه / ١١١ MB / إذا جاز وجود نظام فوق هذا النظام فلا يتصوّر ذلك إلاّ بأن يكون بعض الموجودات الواقعة فيه أشرف وأكمل من بعض الموجودات الّتي وقعت في هذا النظام ، وهو يوجب وجود الأخسّ قبل الأشرف ؛ فيندفع بالقاعدة المذكورة.
ثمّ انّ هذه القاعدة على ما ذكره الشيخ الإلهي في المطارحات انّما يجري فيما فوق الكون ـ أعني : الممكنات الثابتة المستمرّة الوجود الدائمة بدوام عللها الثابتة الغير المتغيّرة بالحركات الفلكية ـ ، لا فيما تحت الكون أيضا ـ أي : الممكنات المتغيّرة المتبدّلة بالحركات والاستعدادات ، كالمواليد الثلاثة (١) ـ. والسرّ في ذلك أنّ الأمور الخارجة عن سلسلة الحركات والتغيرات والاستعدادات المختلفة لا يمنعها أمر غريب عن كمالاتها الممكنة ؛ لانّ علّة كمالاتها إمّا ذات الفاعل ، أو أمر لازم له ، فيوجد تلك الكمالات فيها البتة. وبالجملة كلّ ممكن يكون امكانه الذاتي كافيا لفيضان وجوده ، ولا يحتاج في الفيضان إلى الامكان الاستعدادى بكون جميع كمالاته حاصلة له في بدو فطرته وعلل وجوده هي بعينها علل كمالاته من دون مغايرة بينهما ؛ بخلاف الحوادث اليومية ، فانّ علل وجودها على وجه خاصّ وعلل كمالاتها قد تكون مغايرة لعلل وجودها ، وكلّ واحد من وجودها وكمالاتها يتوقّف على استعدادات سوى امكانها الذاتى ، وفقدان بعض الاستعدادات بالنسبة إلى بعض تلك الحوادث ممكن. فحينئذ يجوز أن لا يوجد ما هو الأشرف بالنسبة إليها ـ لفقدان الاستعدادات الّتي هي علّة لحصول ذلك الأشرف. فقاعدة الامكان الأشرف انّما تدلّ على أنّ الموجودات الثابتة المستمرّة / ١٠٦ DB / الغير
__________________
(١) راجع : المشارع والمطارحات ، ص ٤٣٤.