الممكنات مظاهر للحقيقة القدسية الواجبية ونسبتها إلى تلك الحضرة كنسبة الامواج إلى البحر والأشعة إلى النور والتعينات إلى الطبائع الكلية. ثمّ اذا لوحظ انّ الظهور الحقّ ـ أي : هذا الوجود الحقيقي ـ ليس إلاّ الموجود الحقّ الأوّل ـ تعالى شأنه ـ فليس الظهور إلاّ له ، فالظاهر الحقّ هو الله ـ سبحانه ـ وانّما المخفيّ ما عدا ذاته ـ تعالى ـ. فاذن هو خفيّ من فرط الظهور ونسبته إلى عقول العقلاء في الخفاء من شدّة الظهور نسبة الشمس إلى قوّة الباصرة ، بل لا نسبة بين النسبتين ؛ فتبصّر » ؛ انتهى.
وقد صرّح أيضا بعض العرفاء بكون / ١٢٠ MA / ذلك سرّا للدليل المذكور على سبيل القطع حيث قال : « تأمّل فيه بعد معرفته انّ الله ـ تعالى ـ معري عن كلّ جهة الحاجة إلى الغير من الماهية والوجود والفاعل والموضوع وغيرها من الأمور الّتي موجبة لنقصان نور الوجود وانغماسه في ظلمات العدم حتّى تشاهد بعين البصيرة ونورها انّه ـ تعالى ـ صرف النور وعين الظهور ، وانّه بفرط ظهوره احتجب في البطون ؛ فسبحان من ظاهر خفي الّذي ظهوره علّة لخفائه وخفائه سبب لظهوره!. ويعلم انّه لما كان بنفس ذاته من غير مداخلة أمر آخر دافعا جميع انحاء النقيصة وظلام العدم عن ذاته المقدّسة فهو بحيثية ذاته البسيطة ـ الّتي هي عين النور ونفس الظهور ـ مرجع كلّ كمال ومنبع كلّ جمال ومحيط بكلّ ما له رسم من الفعلية والوجود ، بل هو بصرافة فعله وتنزّهه عن كلّ كثرة ونقصان متجلّ بذاته وصفاته على الأشياء الممكنة الّتي هي بمنزلة المرايا المتكثّرة المنكسرة ، فهو نور الأنوار وجامع كلّ وجود وكمال مع كونه على غاية البساطة والاطلاق. لأنّه صرف الوجود ومحض الموجود وصرف الوجود جامع كلّ كمال الوجود الّذي هو أيضا عن الوجود على وجه أعلى وأتم وأشرف من غير لزوم نقص وشين ، لأنّ النقص الّذي هو العدم من لوازم الامكان والكثرة وهو متعال عنهما. فهو في مقام الجمع ـ الّذي هو مرتبة ذاته الكاملة ـ واجد لكلّ ما هو جهة الوجود ولا يخرج عن ضبط ذاته كمال أصلا ، فسبحان الّذي لا يخرج منه شيء وهو خارج عن كلّ شيء!. فرجوع الوجودات والكمالات كلّها إليه ـ سبحانه ـ كما انّ رجوع العدمات والنقائص بأسرها إلى الامكان والحاجة. فبعد نقض القيود الامكانية