لا تبقى الاّ الحقيقة المطلقة الّتي هى نفس الوجود المبرّى عن كلّ قيد » ؛ انتهى.
ثمّ جعل ذلك / ١٢٦ DB / ـ أي : ما ذهب إليه الصوفية من انّه لا موجود سوى الله تعالى ـ سرّا للدليل المذكور مبنيّ على أنّ التجرّد الّذي هو منشأ التعقّل في الواجب هو غاية التجرّد ـ أعني : كونه صرف الوجود ـ ، والصوفية ظنّوا انّ صرف الوجود شأنه التجلّى على المهيات الامكانية والظهور في المظاهر الكونية وليس لها وجود على حدة ـ لا حقيقة ولا مجازا ـ. وحينئذ يظهر عموم علمه ـ تعالى ـ أيضا ، إذ الكلّ على هذا القول مظاهر ذاته ـ تعالى ـ ، فاذا ظهر ذاته على ذاته ظهر الكلّ على ذاته.
وقد أشرنا سابقا إلى أنّ هذه الطريقة ممّا لا يمكن تصحيحه بطريق النظر ، ولا يجوز بالشرع والعقل الاذعان به.
ومنها : انّ السرّ هو انّه لمّا ظهر من الدليل المذكور انّ الواجب في غاية التجرّد ـ أي : صرف الوجود ـ فيجب أن يكون بالفعل من جميع الوجوه ذاتا وكمالا ، لانّه لو كان بالقوّة ـ ولو بأحد الاعتبارين ومن بعض الوجوه ـ لم يكن محض الوجود ، بل يكون مشوبا بالعدم ، إذ القوّة من لوازم العدم. واذا كان بالفعل من جميع وجوه الذات وكمالاته الّتي هي عين الذات فنقول : لا شكّ أنّ العلم كمال مطلق للموجود بما هو موجود ، والواجب صرف الوجود ومحض الموجود ، فيكون العلم كمالا مطلقا له. وكلّ كمال لصرف الوجود يجب أن يكون فيه بالفعل ـ لما عرفته ـ ، فيجب ان يكون الواجب عالما بذاته وبجميع ما عداه من الكلّيات والجزئيات المجرّدة والمادّية.
وأنت خبير بأنّ جعل هذا الوجه سرّا للدليل المذكور بعيد جدّا.
ومنها : انّ السرّ هو انّه لمّا ظهر انّ الواجب ـ تعالى ـ محض الوجود وصرفه ، فيعلم منه انّه لا يتصوّر فيه التعدّد ، بل لا يمكن هذا التصوّر لأنّه إذا كان محض الوجود الصرف المجرّد عن العوارض وجب أن يكون جزئيا حقيقيا مشخّصا بذاته ، ولا شكّ أنّ الجزئي الحقيقي لا يمكن تصوّر التعدّد فيه ، فلا يمكن تصور التعدّد في محض الوجود ـ الّذي هو الواجب الحقّ ـ ؛ وبذلك يثبت الوحدة. ثمّ لمّا كان محض الوجود القائم بذاته نورا وظهورا بذاته فيكون له الظهور الاتمّ والانكشاف الأكمل ، وليس العلم إلاّ