الظهور والانكشاف ، فيكون عالما. ولمّا كان ظهوره أتمّ الظهور وانكشافه أكمل الانكشاف فيجب أن يكون عالما بذاته وبجميع ما عداه من الممكنات وبجميع الحقائق من الكلّيات والجزئيات المجرّدة والمادّية ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء كذلك الله ربّي وربّ جميع الأشياء.
وغير خفيّ انّ هذا الكلام صحيح في نفسه ، إلاّ أنّ جعله سرّا للدليل المذكور بعيد.
هذه هي الوجوه الّتي ذكروها للسرّ ؛ واختر منها ما شئت!.
ومنها ـ أي : من الأدلّة الدالّة على كونه تعالى عالما ـ : ما ذكره الحكماء أيضا وأورده المحقّق الطوسي أيضا في التجريد ، وهو : انّ كلّ شيء مستند إليه ـ تعالى ـ / ١٣٠ MB / ـ أي : هو مبدأ لجميع ما سواه ـ امّا بواسطة أو بدونها فهو علّة الكلّ. ولا ريب في انّه ـ تعالى ـ عالم بذاته ، لانّ العلم عبارة عن حضور المعلوم عند العالم وهو حاصل في شأنه ، لأنّ ذاته ـ تعالى ـ غير غائبة عن ذاته ، فيكون عالما بذاته. والعلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول.
وأورد عليه : بأنّا لا نسلّم انّ العلم عبارة عمّا ذكرتم ؛ ولو سلّم فلم لا يجوز أن يشترط فيه التغاير بين الحاضر وما حضر هو عنده؟! ، فلا يكون الشيء عالما بنفسه كما اشترط ذلك في الحواسّ ، فانّها لا تدرك نفسها مع كونها حاضرة غير غائبة عنها.
وأجيب عن المنع الأوّل : انّ حقيقة العلم إمّا حضور المعلوم عند العالم ـ كما هو رأي جماعة ـ أو ما هو لازم له ـ كما اخترناه ـ ، وهذا ـ أي : كون العلم عبارة عن أحد الامرين ـ بديهي لا خفاء فيه. وعلى التقديرين يحصل ؛ أمّا على الأوّل فظاهر ؛
وامّا على الثاني : فانّ المنع وان توجّه ظاهرا ولم يندفع في الواقع الاّ انّه غير مضرّ ، لانّ حقيقة العلم حينئذ وان لم يكن ما ذكر ـ أعني : حضور المعلوم عند العالم ـ الاّ انّه لا ريب في كونه لازما له ، فأينما تحقّق حقيقة العلم تحقّق الحضور المذكور وانّ لم يكن إيّاه ، وبذلك يتمّ المطلوب.
ولا يخفى انّه أخذ في هذه العبارة ـ أي في حدّ العلم ـ أحد الطرفين عالما والآخر معلوما. فان اريد أنّ العلم عبارة عن حضور المعلوم عند العالم بوصفي العالمية و